قال الأحنف لمعاوية في كلام: أنت أعلمنا بيزيد في ليله ونهاره، وسرّه وعلانيته، فلا تلقمه الدنيا وأنت تذهب إلى الآخرة.
خطب «1» الحجّاج فشكا سوء طاعة أهل العراق؛ فقال جامع المحاربيّ «2» : أما إنهم لو أحبّوك لأطاعوك، على أنهم ما شنئوك لنسبك ولا لبلدك ولا لذات نفسك، فدع ما يباعدهم منك إلى ما يقرّبهم إليك، والتمس العافية فيمن دونك تعطها ممن فوقك، وليكن إيقاعك بعد وعيدك، ووعيدك بعد وعدك؛ فقال الحجاج: والله ما أراني أردّ بني اللّكيعة إلى طاعتي إلا بالسيف؛ فقال: أيها الأمير، إن السيف إذا لاقى السيف ذهب الخيار؛ قال الحجّاج: الخيار يومئذ لله؛ قال: أجل! ولكنك لا تدري لمن يجعله الله؛ فقال: يا هناه «3» ، إنك من محارب! فقال جامع: [طويل]
وللحرب سمّينا وكنّا محاربا ... إذا ما القنا أمسى من الطّعن أحمرا»
فقال الحجاج «5» : والله لقد هممت أن أخلع لسانك فأضرب به وجهك؛ فقال له: يا حجّاج، إن صدقناك أغضبناك، وإن كذبناك أغضبنا الله، فغضب الأمير أهون علينا من غضب الله.