في شبيبته لقاه الله الحكمة في سنّه، وذلك قوله: وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوى آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ
«1» قال بعض الحكماء من الصحابة: تقول الحكمة: من التمسني فلم يجدني فليفعل بأحسن ما يعلم، وليترك أقبح ما يعلم، فإذا فعل ذلك فأنا معه وإن لم يعرفني. وكان يقال: لا يكون الرجل عالما حتّى يكون فيه ثلاث: لا يحقر من دونه في العلم، ولا يحسد من فوقه، ولا يأخذ على علمه ثمنا. وقال ابن عيينة: يستحبّ للعالم إذا علّم ألّا يعنّف، وإذا علّم ألّا يأنف. وفي كلام لغيلان، لا تكن كعلماء زمن الهرج «2» إن علّموا أنفوا وإن علّموا عنفوا. وفي حكمة لقمان: إن العالم الحكيم يدعو الناس إلى علمه بالصّمت والوقار، وإن العالم الأخرق يطرد الناس عن علمه بالهذر والإكثار. قال إبراهيم بن المنصور: سل مسألة الحمقى واحفظ حفظ الأكياس. وأنشد ابن الأعرابيّ: [كامل]
ما أقرب الأشياء حين يسوقها ... قدر وأبعدها إذا لم تقدر
فسل الفقيه تكن فقيها مثله ... من يسع في عمل بفقه يمهر
وتدبّر الأمر الذي تعنى به ... لا خير في عمل بغير تدبّر
فلقد يجدّ المرء وهو مقصّر ... ويخيب جدّ المرء غير مقصّر
ذهب الرجال المقتدى بفعالهم ... والمنكرون لكلّ أمر منكر
وبقيت في خلف يزيّن بعضهم ... بعضا ليدفع معور «3» عن معور