وحدّثني أبو حاتم عن الأصمعيّ قال: قال أبو بكر البحريّ: ما من شيء يضرّ إلا وفيه منفعة. وقيل لبعض الأطباء: إنّ قائلا قال: أنا مثل العقرب أضرّ ولا أنفع. فقال؛ ما أقلّ علمه بها. إنها لتنفع إذا شقّ بطنها ثم شدّت على موضع اللّسعة؛ وقد تجعل في جوف فخّار مشدود الرأس مطيّن الجوانب ثم يوضع الفخّار في تنّور فإذا صارت العقرب رمادا سقي من ذلك الرماد مقدار نصف دانق أو أكثر قليلا من به الحصاة ففتّها من غير أن يضرّ بشيء من سائر الأعضاء والأخلاط. وقد تلسع العقرب من به الحمّى العتيقة فتقلع عنه.
ولسعت العقرب رجلا مفلوجا فذهب عنه الفالج. وقد تلقى العقرب في الدهن وتترك فيه حتى يأخذ الدهن منها ويجتذب قواها فيكون ذلك الدّهن مفرّقا للأورام الغليظة.
قال أبو عبيدة: ولسعت أعرابيا عقرب بالبصرة، وخيف عليه فاشتدّ جزعه، فقال بعض الناس له: ليس شيء خيرا من أن تغسل له خصية زنجيّ عرق ففعلوا، وكان ذاك في ليلة ومدة «1» ، فلما سقوه قطب؛ فقيل له: طعم ماذا تجد؟ قال: أجد طعم قربة جديدة.
قال المأمون: قال لي بختيشوع وسلمويه وابن ماسويه: إن الذباب إذا دلك على موضع لسعة الزّنبور هدأ وسكن الألم، فلسعني زنبور فحككت على موضعه أكثر من عشرين ذبابة فما سكن الألم إلا في قدر الزمان الذي كان يسكن فيه من غير علاج، فلم يبق في يدي منهم إلا أن يقولوا: كان هذا الزّنبور حنقا غاضبا، ولولا ذلك العلاج قتلك. قالوا: ومما ينفع من اللسعة أن يصيروا على موضعها قطعة رصاص رقيقة وتشدّ عليه أياما. وقد يموّه بهذا قوم فيجعلونه خاتما فيدفعونه إلى الملسوع إذا نهش في إصبعه.