كان أعرابيّ يمنع ابنه من التصرف إشفاقا عليه، فقال شعرا فيه:
[طويل]
إذا ما الفتى لم يبغ إلّا لباسه ... ومطعمه، فالخير منه بعيد
يذكّرني خوف المنايا، ولم أكن ... لأهرب ممّا ليس منه محيد
فلو كنت ذا مال لقرّب مجلسي ... وقيل إذا أخطأت: أنت رشيد
رأيت الغنى قد صار في الناس سؤددا ... وكان الفتى بالمكرمات يسوده
وإن قلت لم يسمع مقالي وإنّني ... لمبدىء حقّ بينهم ومعيد
فذرني أجوّل في البلاد لعلّه ... يسرّ صديق أو يساء حسود
ألا ربّما كان الشّفيق مضرّة ... عليك من الإشفاق وهو ودود
وقال أعرابيّ من باهلة: [طويل]
سأعمل نصّ العيس «1» حتى يكفّني ... غنى المال يوما أو غنى الحدثان
فللموت خير من حياة يرى لها ... على الحرّ بالإقلال وسم هوان
متى يتكلّم يلغ حسن كلامه ... وإن لم يقل قالوا: عديم بيان
كأنّ الغنى عن أهله- بورك الغنى-* بغير لسان ناطق بلسان
الشرف والسّؤدد بالمال وذم الفقر والحض على الكسب
أنشد ابن الأعرابيّ «2» : [طويل]
ومن يفتقر في قومه يحمد الغنى ... وإن كان فيهم ماجد العمّ مخولا