العراق، فلحقه على ثلاث ليال من المدينة وكان عند خروج الحسين غائبا في مال له فقال: أين تريد؟ قال: العراق. وأخرج إليه كتبا وطوامير «1» قال: هذه كتبهم وبيعتهم. فناشده الله أن يرجع فأبى فقال: أما إني سأحدثك حديثا: إنّ جبريل، عليه السلام، أتى النبيّ صلى الله عليه وسلم فخيّره بين الدنيا والآخرة فاختار الآخرة، وإنكم بضعة من النبي صلى الله عليه وسلم، والله لا تليها أنت ولا أحد من أهل بيتك وما صرفها الله عنكم إلا لما هو خير لكم فارجع. فأبى فاعتنقه وبكى وقال:
أستودعك الله من قتيل.
حدّثني القاسم بن الحسن عن علي بن محمد عن مسلمة بن محارب عن السّكن قال: كتب الحسين بن علي رضي الله عنهما إلى الأحنف يدعوه إلى نفسه فلم يردّ الجواب وقال: قد جرّبنا آل أبي الحسن فلم نجد عندهم إيالة ولا جمعا للمال ولا مكيدة في الحرب. وقال الشعبي: ما لقينا من آل أبي طالب؟ إن أحببناهم قتلونا، وإن أبغضناهم أدخلونا النار.
ولما قتل مصعب بن الزبير خرجت سكينة بنت الحسين تريد المدينة فأطاف بها أهل الكوفة فقالوا: أحسن الله صحابتك يا بنت رسول الله. فقال:
والله لقد قتلتم جدّي وأبي وعمّي وزوجي مصعبا، أيتمتموني صغيرة وأرملتموني كبيرة فلا عافاكم الله من أهل بلد ولا أحسن عليكم الخلافة. وقال بعض الشعراء: [منسرح]
إبك حسينا ليوم مصرعه ... بالطّفّ بين الكتائب الخرس
أضحت بنات النبيّ إذ قتلوا ... في مأتم والسّباع في عرس
روى سنان بن حكيم عن أبيه قال: انتهب الناس ورسا في عسكر