والفاختة تقول: " ليت هذا الخلق ما خلقوا".
والصرد يقول: "استغفروا الله يا مذنبون".
وطيطوى تقول: "كل حي ميت, وكل جديد بال".
والخطافة تقول: " قدموا الخير تجدوه".
والسرطان يقول: "سبحان ربي المذكور بكل لسان".
والدراج يقول: " الرحمن على العرش استوى".
وإذا صاحت العقاب قالت: "البعد من الناس راحة" وإذا صاح الخطاف: "قرأ الفاتحة إلى آخرها" ويمد صوته بقوله: و (لا الضالين) كما يمدها القارئ! وأخرج أبو الشيخ بن حيان في كتاب "العظمة" عن عمرو بن قيس الملائي قال: مر سليمان بن داود عليهما السلام على حمام يهدر على أنثاه, فقال لأصحابه: تدرون ما يقول هذا الحمام لأنثاه؟ قالوا: لا, يا نبي الله.
قال: يقول لأنثاه: تابعيني على ما أريد منك؛ فو الله لمتابعتك أحب إلي من ملك سليمان!
الخاتمة
قال عبد الواحد بن فتوح الفروات في وصف الحمام
يجتاب أردية السحاب بخافق ... كالبرق أومض في السحاب فأبرقا
لو سابق الريح الجنوب لغاية ... يوما لجاء بمثلها أو أسبقا
يستقرب الأرض البسيطة ذاهبا ... والأفق ذا السقف الرفيع مرتقى
ويظل مسترق السماع يخافه ... في الجو تحسبه الشهاب المحرقا
قسه بأعتق كل حامل ريشة ... مما يطير تجده منه أعتقا
يبدو فيعجب من يراه لحسنه ... وتكاد آية عتقه أن تنطقا
مترقرقا من حيث درت كأنما ... لبس الزجاجة أو تجلبب ريقا
وقال عبد الواحد بن خلف القطاس
ألا لا تهيجن الحمام فندبها ... قديما بأكباد المحبين سادك
توسدن مطوي الجناح كأنما ... لهن حشايا فوقه وودائك
وملن على خضر الغصون كأنما ... لهن على قضب الأراك أرائك
ولا شذى إلا تضوع شجونا ... ولا شجو إلا دموعي سافك
قال مسعود بن عبد الله التيتاري
رأى المسترشد في النوم, في الأسبوع الذي استشهد فيه, كأن على يده حمامة مطوقة, فأتاه آت وقال: خلاصك في هذا.
فلما أصبح حكى لابن سكينة الإمام ما رآه فقال: ما أولته يا أمير المؤمنين؟ قال: أولته ببيت أبي تميم:
هن الحمام فإن كسرت عيافة ... من حائهن فإنهن حمام
وخلاصي في حمامي فقتل بعد أيام.
وقال حسين التونسي الملقب عنترة, يصف الحمام
وأصغر من بنات بني الحسام ... أقل فعاله فوق الكلام
له حلل من الذهب المصفى ... وعين كالعقيق من المدام
ويعجز عن مداه الريح سبقا ... ويكبو خلفه برق الغمام
أورد القاضي أبو الحسن علي بن عبد العزيز الجرجاني: في كتاب "الوساطة" قول الفرزدق:
هم فادوا سفيههم وخافوا ... قلائد مثل أطواق الحمام
وقال ابن هرمة
عقدت من ملتقى أوداج لبته ... طوق الحمامة لا تبلى على القدم
وقال بعضهم:
وهن إذا رسمت بهن قوماً ... كأطواق الحمامة في الرقاب
وقول أبي الطيب
أقامت في الرقاب أياد ... هي الأطواق والناس الحمام
ثم قال: وهذا من التبذل الذي لا يعد سرقة، وزيادة أبي الطيب فيه حسنة بديعة!
وقال ابن عبد الظاهر
نسب الناس للحمامة حزنا ... وأراها في الحزن ليست هنالك
خضبت كفها وطوقت الجيد ... وغنمت, وما الحزين كذلك
وقال ابن صاحب تكريت:
تحملت يا برق اشتياقي إلى الحمى ... فأنت كقلبي من غرامي يخفق
وما أنت يا ورقاء مثلي حزينة ... ولو كنت ما كان الجناح يصفق
وقال أبو حاتم في كتاب" كتاب الطير": ومما جاء في حمام الوحش من أشعار الفصحاء:
قال شقيق بن بعلبك الأسدي
لقد هيجت مني حمامة أيكة ... من الوجد وجدا كنت أكتمه جهدي
فقلت تعالي نبك من ذكر ما خلا ... ونذكر منه ما نسر وما نبدي
تسعديني تدر عبرتنا معا ... وإلا فإني سوف أسفحها وحدي
وقال الوقاف ورد بن الجعد
أحقا يا حمامة بطن واد ... بأنك في بكائك تصدقينا
غلبتك في البكاء بأن ليلي ... أواصله وأنك تهجعينا
وأني إن بكيت بكيت حقا ... وأنك في بكائك تكذبينا
وقال حكم الخضري