responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شعر الفتوح الإسلامية في صدر الإسلام نویسنده : النعمان عبد المتعال القاضي    جلد : 1  صفحه : 156
وما دامت الحياة العربية بجميع مظاهرها قد تعرضت للتغيير فإن الشعر يصبح فاقدا لكل قيمة، إذا لم يتجاوب معها فيصورها من كافة أقطارها، في ظلال القيم الجديدة التي أصابت حياة الناس بالتغيير، والإسلام فضلًا عن كونه رسالة دينية ليس إلا نمطًا من أنماط السلوك وأسلوبًا من أساليب التفكير، ولا بد له من ثم أن يترك آثاره على الحياة الفنية.
هكذا كان على الشعر أن يكون قوة ذات أثر في نطاق من حقائق الدين وغاياته، وإلا كان من الطبيعي أن يجد الناس طلبتهم فيما جاءهم به الدين الجديد من آيات كتابه المعجز، وأحاديث رسوله وخطبه، وأكد هذه القيمة التي اكتسبها الشعر أن الإسلام حركة فكرية لها وجهها الأدبي، بل إن الإعجاز الأدبي كان أكثر جوانبها تألقًا وإغراء للعرب واجتذابًا لهم، وأن طبيعة العقل العربي وما جاء به الدين الإسلامي من تعاليم لم يفسحا مجالًا ما للون من ألوان الفنون الأخرى، فلم يكن أمام تلك الطاقات المختزنة في النفس المسلمة إلا أن تجد لها مسربًا في الشعر لا تعدوه، طالما يتجاوب مع حياتها الجديدة.
وكان للصراع بين الدين الجديد وأعدائه أثر كبير في تأكيد قيمة الشعر العربي وتحديد مهمته في تثبيت دعائم الفكرة الإسلامية، ودحض افتراءات أعدائها. فقد انطلق مشركو مكة يغرون شعراءهم بالإسلام وبنبيه، وكان لذلك أثره في نفس النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته المسلمين؛ نتيجة إحساسهم بخطر هذا السلاح في تعويق الدعوة والتنفير منها وتشويهها، وإفساد عمل دعاتها، وبخاصة بين أولئك الذين لم تستقر في قلوبهم وعقولهم بعد الملامح الجديدة للعقيدة، وأولئك الذين يعطون لهذا الشعر الذي يصدر عن مكة وعن شعراء من قوم النبي صلى الله عليه وسلم قيمة خاصة.
وكان ضروريًّا -والأمر كذلك- أن يخوض الشعر الإسلامي معركة عنيفة ضد أعداء الإسلام، خلع عليه فيها نبي الإسلام كل تأييده وحفزه وتشجيعه، فندب الشعراء وأهاجهم واستحثهم، وكان ينتشي لمنافحتهم ويدعو لهم[1]، وهذا كله يعني تقدير النبي صلى الله عليه وسلم لخطر الشعر وقيمته؛ لأن المؤمن يجاهد بسيفه ولسانه، وشعر المسلمين أشد على الكفار من نضح النبل، ويتجلى تقدير النبي صلى الله عليه وسلم للشعر فيما خلعه على الشعراء الذين تقيدوا بالقيم الإسلامية وما حباهم به من عطفه، كما يتجلى في موقفه من شعراء قريش

[1] العمدة ج1، ص12.
نام کتاب : شعر الفتوح الإسلامية في صدر الإسلام نویسنده : النعمان عبد المتعال القاضي    جلد : 1  صفحه : 156
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست