نام کتاب : شرح ديوان المتنبي نویسنده : الواحدي جلد : 1 صفحه : 224
وضربت لسيف الدولة خيمة كبيرة بميافارقين وأشاع الناس بأن المقام يتصل وهبت ريح شديدة فسقطت الخيمة وتكلم الناس عند سقوطها فقال:
أينفع في الخيمة العذلُ ... وتشمل من دهرها يشملُ
هذا استفهام انكار وتقدير اللفظ أينفع في سقوط الخيمة عذل العذل فحذف المضافين وروى الخوارزمي أيقدح في الخيمة العذل وعلى هذا لا يحتاج إلى تقدير محذوف والمعنى على هذه الرواية يقول هؤلاء الذين يعذلون الخيمة في سقوطها هل يقدحون فيها بعيبٍ وعذرها في التقوض أنها شملت من يشمل الدهر فضاقت عنه وإضافة الدهر إلى الخيمة غير مستحسنٍ ولو قال من دهر يشمل كان أحسن ومعنى شمل الشيء أحاط به يقول اتحيط الخيمة بمن أحاط بالدهر يعني علم كل شيء فلا يحدث الدهر شيئا لم يعلمه ومن كان بهذا المحل لا يعلوه شيء ولا يحيط به شيء.
وتعلو الذي زحل تحته ... محال لعمرك ما تسألُ
يقول وهل تعلو الخيمة من تحته زحل أي في علو القدر والنباهة ثم قال محال ما تسأل الخيمة من ثبوتها فوقه ومن ضم التاء أراد ما تسأل الخيمة من ذلك.
فلم لا تلوم الذي لامها ... وما فص خاتمه يذبلُ
يقول لم لا تلوم الخيمة من لامها في سقوطها فتقول له لم لا يكون فص خاتمك يذبل وهو اسم جبل أي فكما يستحيل لوم من لم يتخذ الجبل فصا فكذلك لوم الخيمة وما في البيت بمعنى ليس.
تضيق بشخصك أرجاؤها ... ويركض في الواحد الجحفلُ
يقول كانت الخيمة واسعةً كبيرةً بحيث تركض الخيل الكثيرة في إحدى نواحيها ولكنها ضاقت على شخصيك إعظاماً لك أن تعلوك.
وتقصر ما كنت في جوفها ... وتركز فيها القنا الذبلُ
ما ههنا للحال يقول ما دمت في جوفها فهي قصيرة عنك وهي من الارتفاع بحيث تركز فيها الرماح.
وكيف تقوم على راحةٍ ... كأن البحار لها أنملُ
يقول كيف تقوم على كفٍّ تشبه أناملها البحار.
فليت وقارك فرقتهُ ... وحملت أرضك ما تحملُ
أي ليت ما فيك من الوقار فرقته على الناس وحملت أرضك من باقي وقارك ما تطيق حمله أي فلو فرقت وقارك لكان يخص الخيمة منه ما يوقرها ويثبتها.
فصار الأنام به سادةً ... وسدتهم بالذي يفضلُ
فصار الناس كلهم سادةً بما أخذوا من الوقار ويفضل لك منه ما تصير به سيد النار يصف رزانة حلمه وكثرة وقاره وأنه لو فرق منه الكثير لبقي له ما يسود به الناس.
رأت لو نورك في لونها ... كلون الغزالة لا يغسلُ
يقول صارت الخيمة بما اتصل بلونها من لون نورك كالغزالة التي لا يفارقها ذاتي نورها واراد بقوله لا يغسل أن ذلك النور لا يزول عنها ولا يفارقها والمعنى أن الخيمة اكتسبت من نورك ما صارت به موازيةً للشمس التي لا يزول نورها.
وأن لها شرفاً باذخاً ... وأن الخيام بها تخجلُ
ورأت أن لها شرفا عظيما إذا سكنتها وسائر الخيام تخجل منها إذ لم تبلغ محلها.
فلا تنكرن لها صرعةً ... فمن فرح النفس ما يقتلُ
أي أن سقطت الخيمة لم يكن ذلك نكراً لأنها فرحت غاية الفرح والفرح قد يقتل إذا بلغ الغاية فكيف لا تصرع.
ولو بلغ الناس ما بلغت ... لخانتهم حولك الأرجلُ
أي لو بلغوا مبلغها من القرب منك لخانتهم أرجلهم ولم تحملهم هيبةً لك كما خانتها اطنابها وعمودها.
ولما أمرت بتطنيبها ... أشيع بأنك لا ترحلُ
أي لما أمرت بتطنيب الخيمة أي بمد اطنابها أشيع الخبر في الناس بأنك لست راحلا للغزو.
فما اعتمد الله تقويضها ... ولكن أشار بما تفعلُ
الإعتماد معناه القصد والتقويض قلع الخيمة يقول لم يقصد الله تعالى قلع الخيمة ولكن كان ذلك إشارةً بما تفعله من الإرتحال والتوجه للغزو وإن الأمر ليس على ما يقول الناس وجعل سقوط الحيمى كالاشارة إلى ما يفعله.
وعرف أنك من همهِ ... وأنك في نصره ترفلُ
يقول عرف الله تعالى الناس بتقويض الخيمة أنه لم يخذلك ولم يسلمك بل يعني بك ويريد ارشادك وأنك تمشي في نصر دينه فجعل قلع الخيمة سببا لمسيرك وعلامةً على أنه خار لك الإرتحال ويقال رفع يرفعل إذا سحب أذياله في المشي.
فما العاندون وما أثلوا ... وما الحاسدون وما قالوا
نام کتاب : شرح ديوان المتنبي نویسنده : الواحدي جلد : 1 صفحه : 224