نام کتاب : شرح ديوان الحماسة نویسنده : المرزوقي جلد : 1 صفحه : 635
عليها هي من ابتداءٍ وخبر. والجمل الخبرية إذا اختلفت مثل هذا الاختلاف يسوغ عطف بعضها على بعضٍ، ألا ترى أن الله تعالى يقول: " سواءٌ عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامتون "، فعطف أنتم صامتون وهو ابتداءٌ وخبرٌ، على ما قبله وهو فعل وفاعل، لأن المعنى لا يختلف، بل يصير كأنه قال: أدعوتموهم أم صمتم. وقد جاء على العكس من هذا، لأن الشاعر يقول:
أموفٍ بأدراع ابن طيبة أم تذم
فعطف تذم، وهو من فعل وفاعل بأم على موف وهو ابتداءٌ وخبر، لأن المعنى أأنت موف محمودٌ أم غادرٌ مذموم. والكلام في لا أختٌ فتفتقده على ذلك، كأنه قال لا أختٌ له فلا تفتقده. وقال الخليل: تفقدت أمر كذا: تعهدته، وافتقدته: لم أره هلاكاً وغيبةً.
هوى عن صخرةٍ صلدٍ ... ففتت تحتها كبده
ألام على تبكيه ... وألمسه فلا أجده
وكيف يلام محزونٌ ... كبيرٌ فاته ولده
أعاد قوله هوى استفظاعاً وتحسراً. وعدى هوى ها هنا بعن لأنه أجراه مجرى زل وما أشبهه. والصلد: ما لا ينبت شيئاً من الحجارة. ومن الأرضين. ومنه أصلد الزند، إذا لم يخرج منه النار ولم يكن ورياً. ومعنى قوله فتت تحتها كبده تقطعت كبده لما حصل على الأرض. ويشير بالصخرة إلى المرقبة.
وقوله:
ألام على تبكيه ... وألمسه فلا أجده
معناه أن الناس يستسرفون اتصال بكائي عليه، ودوام التحسر في إثره، والحاجة إليه تدعوني إلى طلبه فلا أظفر به، فعند كل طلبٍ يحصل يأسٌ، ويتعقب ذلك اليأس مني بكاءٌ وتحزن. وقوله ألمسه بمعنى ألتمسه. واللمس والمس يتقاربان في معنى الطلب والالتماس. ألا ترى قوله تعالى: " وأنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرساً شديداً
نام کتاب : شرح ديوان الحماسة نویسنده : المرزوقي جلد : 1 صفحه : 635