نام کتاب : شرح ديوان الحماسة نویسنده : المرزوقي جلد : 1 صفحه : 439
وصلح ترخيم تلعةٍ وإن كان نكرة، لأنه قصد بها في النداء إلى واحدة بعينها. ومعنى البيت: من تلك الخلال التي أتألم منها أني وإياه لا نجمع طول الدهر في مكانٍ، ولا يحوى بيوتنا تلعةٌ من التلاع. ثم التفت مظهراً التضجر، ومبدياً، التوجع إلى التلعة. ثم التفت مظهراً التضجر، ومبدياً، التوجع إلى التلعة، فقال: لا جرى فيك سيلٌ، ولا ظهر بك خصبٌ، ولا سقي لك عهدٌ. وهذا كأنه للموضع الذي لا يتفق له مع صديقه المذكور فيه التقاءٌ على قربه وجواز كون ذلك فيه ذنباً، فأقبل يدعو عليه تضخراً به. ومن عادة الناس النظر في الديار وما يسنح فيها من اجتماع الأحبة أو افتراقهم، وانتظام شملهم فيها أو انبتاته. وقد ورد الخبر بمثل ذلك أيضاً.
ومنهن ألا أستطيع كلامه ... ولا وده حتى يزول عوارض
يجوز أن يروى أستطيع بالرفع والنصب على ما تقدم في البيت قبله. وقوله " ولا وده " إن قيل كيف قال لا أستطيع وده، وقد قال في البيت الأول من خليلٍ أوده، فأثبت الود؟ قلت: إنما يعني لا أستطيع مقتضى وده وموجبه، فحذف المضاف. وقوله حتى يزول عوارض، معناه حتى كان ما لا يكون. والمراد بالبيت: ومن تلك الخلال ما عرض بيني وبينه من إعراضٍ متصل وهجرٍ دائم، فلا أقدر على مفاوضته فيما يعن من خيرٍ وشر، ولا أطيق مباثته ما ينتقل فيه من محبوبٍ أو مكروهٍ، ولا أستطيع موادته ومخالصته بحسب الأحوال المتشابكة بيننا، ما ثبت عوارضٌ وهو جبلٌ ودام للدهر متصلٌ.
ومنهن ألا يجمع الغزو بيننا ... وفي الغزو ما يلقى العدو المباغض
وجه جواز الرفع في يجمع والنصب على ما تقدم. وقد رتب الشاعر في هذه الأبيات مسببات المودة ونتائجها، وما يوجبه غراس المقة وآثارها، أحسن ترتيب، فابتدأ عند ذكر انتفائها وامتناعها بتعذر الاجتماع بالأبدان في المجالس والمحال، لأنه الأول والأصل في انعقاد الوداد، ثم أتبعه بما يصحب الاجتماع للتألف، حتى لا ينفك منه من التوانس والتساؤل، والمخالقة والإلطاف، لأنه تلو الأول وثانيه. ثم أردف المقدمتين بنتيجتهما من التعاون والتساعد، والاهتمام والشفقة عند ما يحدث ويتجدد من صغيرٍ وكبيرٍ، ومردودٍ ومقبولٍ، فيقول: ومن تلك الأحوال أن التشارك في جوالب الدهر بيننا رفض، والتألب على الأعداء من مقاصدنا سقط، فلا يؤلف بيننا مراعاة عزٍ، ولا عمارة ودٍ، ولا ينظم نوانا اجتذاب محمدةٍ، ولا دفاع مظلمةٍ. ثم
نام کتاب : شرح ديوان الحماسة نویسنده : المرزوقي جلد : 1 صفحه : 439