نام کتاب : شرح ديوان الحماسة نویسنده : المرزوقي جلد : 1 صفحه : 349
والأولى أجود. وإنما ضعفت هذه لأن عطف الظاهر على المضمر المرفوع ضعيفٌ حتى يؤكد. وتأكيده: وغودر هو عند الملتقى ثم سائره. ويجوز أن يكون سائري في موضع النصب معطوفاً على رأسي، كأنه احتملوا رأسه ثم سائره، فيكون أقرب. وكان الشنفري أحد الخلعاء الذين تبرأ عشائرهم منهم وأسلموا بجرائرهم، ولهذا قال في نفسه:
طريد جناياتٍ تياسرن لحمه ... عقيرته لأياً يما حن أول
ومن أجل ذلك كشف القناع مع قومه، وأخذ يتفادى منهم ويقول: لا تقبروني إن قبري محرمٌ عليكم. فإن قيل: أين جواب إذا؟ قلت: إن جعلته ظرفاً لقوله لا تقبروني فذاك جوابه، وكذلك إن جعلته ظرفاً للخبر المقدر. والسائر: الباقي من الشيء، وهو من السؤر، وأسأرت في الإناء.
هنالك لا أرجو حياةً تسرني ... سجيس الليالي مبسلاً بالجرائر
أشار بقوله " هنالك " إلى الوقت الذي يتناهى فيه الأمد، ويدنو فيه الأجل، لا إلى الوقت الآني بعد القتل، وهو ظرفٌ للا أرجو. والمعنى: في ذلك الوقت لا أطمع في حياةٍ سارةٍ لي، وأنا مخذولٌ مسلمٌ بجرائري في القبائل، لا يرى إلا شامتٌ بي، أو طالبٌ للانتقام مني. وقوله " سجيس الليالي " يراد به امتداده وسلاسته في الاتصال وهو اسم الفاعل من سجس. وقد أحكمنا القول فيه في كتابنا الأزمنة. وهو ظرفٌ لقوله مبسلاً بالجرائر. وانتصب مبسلاً على الحال. والجرائر: جمع الجريرة. وأبسلوا: أسلموا. وفي القرآن " ألئك الذين أبسلوا كسبوا ".
وقال تأبط شراً
وقالوا لها لا تنكحيه فإنه ... لأول نصلٍ أن يلاقي مجمعا
كان تأبط شراً خطب امرأة عبسية، فأرادت إجابته ووعدت مناكحته، فلما جاءها أظهرت الزهد، وأخلفت الوعد، واعتلت بأن الرغبة في شرفه وفضله كما كانت لكنه قيل لها ما تصنعين برجلٍ يقتل عنك قريباً، لأن له في كل حيٍ جنايةً، وعنده لكل إنسانٍ طائلة، فتبقين أيماً! فانصرف تأبط شراً وقال هذه الأبيات.
نام کتاب : شرح ديوان الحماسة نویسنده : المرزوقي جلد : 1 صفحه : 349