نام کتاب : شرح ديوان الحماسة نویسنده : المرزوقي جلد : 1 صفحه : 347
إذا نفرت من بياض السيو ... ف قلنا لها أقدمي مقدما
يقول: إذا جبنت خيلنا وحادت عن تلألؤ السيوف وبريق الشمس وشعاها في السلاح، وهرير الأبطال وتداعيها، أكرهناها على الإقدام. وذكر النول ها هنا كنايةٌ عن الفعل، وهذا كما يقال قال برأسه كذا، إذا حركه، وقال بسوطه، إذا أشار به. والمقدم والإقدام بمعنىً. وحقيقة الكلام إذا نفرت قدمناها تقديما.
وقال الشنفري
لا تقبروني إن قبري محرمٌ ... عليكم ولكن أبشي أم عامر
يقال: قبرت الإنسان، إذا دفنته؛ وأقبرته إذا جعلت له موضع قبرٍ، وفي القرآن: " ثم أماته فأقبره ". والشاعر كأنه نبه بهذا الكلام على أنه ممن يقتل ويترك بالعراء لا يرثي له شقيق، ولا يرثه نسيبٌ ولا رفيقٌ، فيأتيه عوافي السباع والطير. فخاطب أصحابه وقال: لا تدفنوني إن دفني محرمٌ عليكم، يريهم استغناءه عنهم حياً وميتاً، ورفعة نفسه عن الاستنامة إليهم والاعتماد عليهم، وذهابه عنهم فعل المجانب لهم، البعيد منهم. ثم قال " ولكن أبشري أم عامر "، أي ولكن الضبع تأكل لحمي فأبشري أم عامر، جعله كما هو لقب الضبع. وموضعه من الإعراب مبتدأ والخبر محذوفٌ، وهو يأكلني وتتولى أمري ونحوه. وهذا في أنه جملةٌ جعلت لقباً وفي أن شرطها أن تحكى، كتأبط شراً وما أشبهه. وإنما جعلت لقباً لها لأن العادة في اصطياد الضبع أن يقصد وجارها ويحفر وهي تتأخر شيئاً شيئاً. والصائد يقول: أم عمرٍ ليست ها هنا؟ أبشري أم عامرٍ بشاءٍ هزلى، وجرادٍ عظلى؛ خامري أم عامر ليست ها هنا؟ فلا يزال يحفر الوجار، ويكرر هذا الكلام؛ والضبع تتأخر حتى تبلغ أقصى وجارها فتخرج حينئذٍ بأغلظ عنفٍ. ولما كان الأمر على هذا في اصطيادها لقبها ببعض ما تخاطب به في تلك الحال، فكأنه قال: لا تقربوني إذا مت فقد حرمت دفني عليكم، ولكن الذي يقال له أبشري أم عامرٍ ولي أمري دونكم. فهذا وجهٌ حسنٌ إليه يذهب الحذاق من أصحاب المعاني. وحكى سيبويه عن الخليل في
نام کتاب : شرح ديوان الحماسة نویسنده : المرزوقي جلد : 1 صفحه : 347