نام کتاب : شرح ديوان الحماسة نویسنده : المرزوقي جلد : 1 صفحه : 223
والمعنى: إن من استبدل بعسره يسراً، ونال عقب ضيقه رخاء، فكأنه ما سبق إليهما، ولا زوحم فيهما. وفي طريقته ما بعده، وهو: ولم يك في بوسٍ. والصعلوك: الفقير.
ولم يك في بوس إذا بات ليلةً ... يناغي غزالاً ساجي الطرف أكحلا
يقول: وإذا استمتع ليلةً بمناجاة إنسانٍ كأنه غزالٌ في طرفه فترٌ، وفي عينه كحلٌ، فكأنه ما كان ذا بوسٍ قط. أي تعفى النعمة على آثار الضر، وتمحوها حتى تنسى. وقوله ولم يك في بوس قد مر الكلام في حذف النون منها تخفيفاً. والمناغاة: المغازلة، وأصله من النغية، وهي الصوت اللطيف، والنغمة الحسنة الخفية، ولذلك يفسر المناغاة على المسارة. والساجي: الساكن، يقال ليلٌ ساجٍ. قال:
يا حبذا القمراء والليل الساج
وقال بعض بني طيئ
إن أدع الشعر فلم أكده ... إذ أزم الحق على الباطل
قوله إذ أزم ظرفٌ لقوله أدع. وتقدير الكلام: إن أدع الشعر إذ أزم الحق على الباطل فلم أكده. ويريد بالحق كبرته وشيخوخته، وما أخذ به النفس عنده من مراعاة الحق، والرجوع عن الهزل إلى الجد. وأراد بالباطل الصبا واللهو وما يتبعهما مما يعد سفها وقوله فلم أكده أصله من حفر فأكدى، إذا بلغ الكدية، فتعذر عليه الحفر وإنباط الماء. والكدية: مكانٌ صلبٌ يعني الحافر. ويقال أيضاً: حفر فأجبل، إذا بلغ جبلاً. وتوسعوا فيه فقالوا: أكدى في الشعر والعطاء. وفي القرآن: " وأعطى قليلاً وأكدى ". وقالوا أيضاَ: فلانٌ بلغ الناس كديته، أي كان يعطي ثم أمسك. ومعنى البيت: إن تركت الشعر حين تحملت وارعويت، وصار الحق عاضاً على باطلتي، والحلم مانعاً من جهالتي، فلم أتركه عن عجزٍ لاحقٍ، وإفحامٍ حاصلٍ. والازم: العض، وتوسع فيه، فقيل: نعم الدواء الأزم، يريدون الحمية.
نام کتاب : شرح ديوان الحماسة نویسنده : المرزوقي جلد : 1 صفحه : 223