نام کتاب : شرح ديوان الحماسة نویسنده : المرزوقي جلد : 1 صفحه : 1260
يبقى ذخيرة من ذخائره إذا وجب إنفاقها، ولا يصون نفسا عزيزة عليه من كرائمه إذا وجب ابتذالها.
بلوناك في أهل الندى ففضلتهم ... وباعك في الأبواع قدما فطالها
فأنت الندى فيما ينوبك والسدى ... إذا الخود عدت عقبة القدر مالها
يقول: خبرناك في جملة من يدعي الندى وزمرتهم، فغلبتهم وسبقتهم، كما بلونا بسط يدك، واتساع باعك عند البذل في الأبواع كلها قديما، فغلبها في الطول. وقوله " فضلتهم "، هو للمبالغة؛ يقال: فاضلته ففضلته أفضله.
ولذلك تعدى وإن كان فضل الشىء إذا زاد لا يتعدى. ومن شرط فعل في المبالغة أن يجعل مستقبله على يفعل إذا كان صحيحا، وإن كان في الأصل يجىء مفتوح العين أو مضمومه أو مكسوره. وكذلك قوله " فطالها " إنما تعدى وطال الذي هو ضد قصر (لا يتعدى) لأنه من طاولته فطلته أطوله. والمعتل في هذا المعنى يجرى على أصله، يقال: باكيته فبكيته، إذا غلبته في البكاء، وطاولته فطلته، إذا غلبته في الطول. وإنما لم يغيروا المعتل لئلا يلتبس بنات الواو ببنات الياء. ولا يجيء هذا في كل فعل.
وقوله " فأنت الندى فيما ينوبك والسدى "، يريد ترطبه للمعروف وتندى كفه في العطاء عند يبوس المحل، واشتداد الجدب. والندى والسدى هما بمعنى واحد. وقد قيل الندى بالنهار والسدى بالليل.
وقوله " إذا الخود عدت "، يريد أنه يفعل ذلك في الوقت الذي تعد عقيلة الحي وكريمة القوم مالها الذي تعيش منه وتعتمده، ما يرد عليها من المرق في القدر إذا استعيرت. وهذا كانوا يفعلونه في تناهى القحط، وفي شدة الزمان، وعند إسنات الناس. وكما يسمى المردود في القدر عقبة سمى عافيا قال الكميت:
وجالت الريح من تلقاء مغربها ... وضن من قدره ذو القدر بالعقب
وقال آخر:
فلا تسأليني واسألي ما خليقتي ... إذا رد عافى القدر من يستعيرها
نام کتاب : شرح ديوان الحماسة نویسنده : المرزوقي جلد : 1 صفحه : 1260