responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : سرور النفس بمدارك الحواس الخمس نویسنده : التيفاشي، أحمد بن يوسف    جلد : 1  صفحه : 25
خبق كثير منهم البوصيري والخشوعي والصيدلاني وخرج له المحدث أبو بكر ابن مسدي مشيخة بالسماع والإجازة [1] ، وقد كان ذكياً ذا خاطر متوقد وقدرة على الحفظ باهرة، واختبره الملك الكامل في الحفظ لما سمع عن تميزه في ذلك فوجده ربما حفظ أحد عشر بيتاً من سمعة واحدة فسماه " ملك الحفاظ " ثم سماه " رئيس الأدباء " لتمهره في فنون الأدب، وحظي عند الكامل كثيراً، ونال من صلاته ما جعله ذا نعم طائلة، فاقتنى خزائن شتى من الكتب، كان يبذلها للمستفيدين يطالعون ويحصلون [2] ، وفي أيامه الأخيرة أضر، من غير أن يفارق الخدم السلطانية، وقد كلفه سلطان مصر حينئذ مساعدة عبد الظاهر الأعمى في تذييل كتاب الكامل لابن الأثير [3] ؛ وقد كان التيفاشي كثير التردد إلى منزله - مع غيره من العلماء والأدباء - وأورد له في هذا الكتاب مقطعات شعرية كثيرة، وكانت وفاة المكرم سنة 645/ 1247.
وقد خلف المكرم ولدين: حسناً ومحمداً؛ أما حسن أكبرهما فقد ولد بالقاهرة سنة 613: 1216، وكان آخذاً في طريقة أبيه، معروفاً بغوصه على المعاني في شعره [4] ، وله شعر في كتاب التيفاشي، وكانت تربطه بابن سعيد صداقة متينة.
وأما محمد فقد ولد في يوم الاثنين ثاني عشر شهر محرم سنة 630/ 30 أكتوبر 1232 وأخذ عن أبيه وعن جلة من علماء عصره منهم: أبو الحسن ابن المقير ويوسف بن المخيلي وابن الصابوني وعبد الرحيم بن الطفيل وابن الجميزي ومرتضى بن العفيف والجلال الدمياطي، وتفرد بأشياء، وحدث بالقاهرة، وعمر فأكثروا الحديث عنه [5] وقال الذهبي أنه تفرد في العوالي. وقد خدم في ديوان الإنشاء بمصر مدة طويلة، ثم ولي نظر طرابلس الغرب (أي قضاءها) وكان يتشيع باعتدال، وله شعر ونثر كثير، وله معرفة بالنحو واللغة والتاريخ والكتابة.
وقد شهر ابن منظور باختصاره للكتب، فاختصر الأغاني وهذبه ورتبه على الحروف، وزهر الآداب للحصري، واليتيمة للثعالبي، والذخيرة لابن بسام،

[1] تاريخ الذهبي 20، الورقة: 64.
[2] عن الذهبي والبدر السافر وابن سعيد (بالجمع بين ما أورده في نسق) .
[3] النجوم الزاهرة: 322.
[4] النجوم الزاهرة: 323.
[5] البدر السافر، الورقة: 167 وابن حجر: الدرر الكامنة (ط. القاهرة) 5: 31 والوافي 5: 54، ونكت الهميان: 275.
53 - آخر [1] :
وليلٍ فيه تحسبُ كلَّ نجمٍ ... بدا لك من خَصاصةِ طيلسان وصف الليل بشدّة السواد، وكأنّ النجوم تظهر من خروق طيلسان، وشبّه سواد الليل بالطيلسان لخضرته، وشدة الخضرة راجعة إلى السواد، ومنه قوله تعالى (مُدْهَامتانِ) من شدة الخضرة من الريّ؛ والمدهام: الأسود. ومنه سمّي سواد العراق سواداً لنخله وجنانه وكثرة مائه، وذلك أن الماء الكثير البعيد القعر يظهر أسود، ولذلك شبّه امرؤ القيس الليل بالبحر، ويقال لليل إذا اسود أخضر؛ قال الراجز يخاطب ناقته:
وعارضي الليلَ إذا ما اخضرّا ... 54 - وقال الشَّماخُ [2] :
وليلٍ كلونِ الساجِ أسودَ مظلمٍ ... قليلِ الوغى داجٍ ولونِ الأَرَنْدَجِ أي قليل الأصوات، والأرندج: الجلود السود التي يقال لها بالفارسية رنده، وجمع الساج سيجان.
55 - ومما يحكى من الاستشهاد على أن الساج الطيلسان أن أبا دلامة كان شاعراً خفيف الروح مقبولاً عند خلفاء بنى العباس، وكان ماجناً منهمكاً على الخمر، فحظر عليه الخليفة شُرْبَها، وأمر الشرطيّ متى وجده سكران أن يخرّق طيلسانه ويُحْبَسَ في بيت الدجاج، فأُخِذَ سكران فحبس، فلما أصبح كتب إلى الرشيد [3] :
أميرَ المؤمنين فَدَتكَ نفسي ... علامَ حبستني وخرفتَ ساجي
أُقادُ إلى السجونِ بغير ذنب ... كأني بعضُ عُمّالِ الخراج
ولو معهم حُبِسْتُ لهانَ ذاكم ... ولكني حبستُ مع الدجاج
دجاجات يُطيفُ بهنَّ ديك ... تناجى بالصياحِ إذا يناجي فضحك منه الرشيد وأطلقه.

[1] الأنواء لابن قتيبة: 186.
[2] الأنواء: 186 وديوانه: 78.
[3] انظر الأغاني 10: 263 - 264 ومعاهد التنصيص 2: 220 وجمع الجواهر: 113 وربيع الأبرار الورقة: 23 ب والبصائر 2: 623 وبهامش ص نقل عن البصائر بخط مختلف عن خط الأصل.
نام کتاب : سرور النفس بمدارك الحواس الخمس نویسنده : التيفاشي، أحمد بن يوسف    جلد : 1  صفحه : 25
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست