responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : سرور النفس بمدارك الحواس الخمس نویسنده : التيفاشي، أحمد بن يوسف    جلد : 1  صفحه : 12
أي يعومون على عكس سير الفلك، كالسباحة على خلاف جري الماء. وخصّ الشمس والقمر بالذكر ههنا، وفي سورة الأنبياء، لأن سيرهما سباحة أبداً على عكس دور الفلك، وسير الخمسة المتحيرة قد يكون موافقاً لدور الفلك عند الرجعة، والجري للاستقامة، والكنوس للدخول تحت الشعاع والاحراق. هذا كلام السجاوندي [1] .
8 - وقال أبو الحسن الحوفي [2] : (لا الشمسُ ينبغي لها أن تدركَ القمر) أي لا يصلح لها أن تدرك القمر فيذهب نوره بضوئها، فتكون الأوقات كلها نهاراً لا ليلاً (ولا الليلُ سابقُ النهار) أي يعاقب النهار حتى يذهب ظلمته بضيائه فتكون الأوقات كلها ليلاً، أي لكل واحد منهما حدٌّ لا يتجاوزه، إذا جاء سلطان هذا ذهب سلطان هذا.
9 - وقال ابن فُوْرَك [3] : لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر في سرعة سيره، لأن سير القمر أسرع من سير الشمس. وروي أن ابن عباس - رضي الله عنهما - قرأ: لا مستقر لها، أي أنها تجري في الليل والنهار، لا وقوف لها ولا قرار.
10 - وقال يحيى بن سلام [4] : لا تدرك الشمس القمر ليلة البدر خاصة، لأنه يبادر بالمغيب قبل طلوعها.
و (العُرْجُون القديم) العذق اليابس إذا استقوس. قال: وفي استدلال قوم من هذه الآية على أن الليل أصل، والنهار فرع طارٍ عليه، نظر. وفي مستقر الشمس أقوال، منها أن مستقرها آخر مطالعها في المنقلبين، لأنهما نهايتا مطالعها، فإذا استقر وصولها كرت راجعة، وإلا فهي لا تستقر عن حركتها طرفة عين.
11 - وقال أبو نصر القُشَيْري [5] : ولا الليل سابق النهار أي غالب، فتمحي آية

[1] هو أبو عبد الله محمد بن طيفور السجاوندي، إمام مقري نحوي مفسر، كان في وسط المائة السادسة، له تفسير حسن للقرآن وكتاب عللك القراءات وكتاب الوقف والابتداء، (انظر طبقات القراء [2]: 157 والوافي [3]: 178 وبروكلمان. التاريخ [1]: 408 والتكملة [1]: 724) .
[2] هو علي بن إبراهيم الحوفي (- 430) صاحب البرهان في التفسير (انظر الوافيات [3]: 300 وانباه الرواة [2]: 219) .
[3] محمد بن الحسن بن فورك (- 460) أحد شيوخ الأشاعرة، انظر ترجمته في السبكي [3]: 52 وتبيين كذبم المفتري: 272.
[4] ترجم له في ميزان الاعتدال 4: 380.
[5] انظر ترجمته في وفيات الأعيان [3]: 207 وعبد الغافر: 93 والسبكي 4: 249 وتبيين كذب المفتري: 308.
وإذا اضطرب علينا مكان اللقاء بين الرجلين: التيفاشي وابن ندى، فإن اللقاء نفسه كان حقيقة واقعة، وثمراته كانت كذلك. ففي ظل بني ندى وجد التيفاشي رعاية وطمأنينة، والتقى بعلماء أفاد منهم كثيراً، واطلع بيسر على كتب هامة أثرت في تفكيره، وبخاصة مؤلفات الموفق التلعفري (602/ 1206) ، فقد قال ابن سعيد: " وكان أبو الفضل التيفاشي يذكر لي هذا الرجل، ويزعم أنه استفاد من تصانيفه في ضروب الفلسفة، ويمتعني بما وقع له من أخباره وأشعاره أيام صحبته رؤساء بني ندى أعيان الجزيرة العمرية " [1] .
وحين كان التيفاشي يتعب من التجول، كان يفيء إلى القاهرة، فقد أحس أنها أرحب البلدان صدراً، حتى لقد أنسته ما كان لديه من إعجاب بدمشق، إذ وجدها مركزاً ثقافياً واقتصادياً يلتقي فيه المشرق والمغرب، ويجمع صنوف الثقافات والتجارات، ويمكن التيفاشي من أن يظل على صلة بالمغاربة الكثيرين الذين كانوا يؤمون مصر للاستيطان، أو ينزلون فيها في طريقهم إلى الحج، وكانت الصلة بالحياة التجارية هامة لديه مصل الصلة بالحياة الثقافية؛ إذ هما لديه مترافدتان متعاونتان، وأسواق القاهرة تمكنه من الاطلاع على نماذج السلع التي تهمه، ومن لقاء تجار دخلوا الهند وسرنديب وأقاصي الشرق، فهو يتسقط منهم المعرفة في صورة خبر؛ " اخبرني بعض من دخل الهند من الجوهريين؟ أخبرني رجل من أهل غزنة.. حدثني رجل من أهل عدن؟ أخبرني من دخل سرنديب من التجار؟ أخبرني الشريف الجوهري الذي كان بمدينة القاهرة، وهو المعروف بالخبرة والذكاء في هذا الفن وذلك أنه دخل الهند؟ وأخبرني القاضي الحسيب معين الدين بن ميسر أمين السلطان على معدن الزمرد بالديار المصرية؟ وأخبرني من لا أشك في صدق قوله وثقة نقله، الأمير الأجل الكبير العالم الفاضل سيف الدين قلج [2] ؟ هكذا هو دائماً يلقى الناس ويدوّن عنهم الفوائد، من طبقة التجار الوافدين ومن كبار موظفي الدولة، ويتجول ويغشى الأسواق ويتفحص ويكتسب خبرة واطلاعاً فهو يقول: " ورأيت بسوق القاهرة المعزية حجارة منه (أي البازهر) كثيرة مغشوشة مصنوعة تباع على أنها بازهر حيواني بسوم دينار المثقال " [3] . ويقول أيضاً: " وقد حضرت في دكان جوهري خبير بالأحجار من أهل الأندلس بثغر

[1] الغصون اليانعة (تحقيق إبراهيم الابياري، القاهرة 1945) : 59 وانظر مجلة الأبحاث: 94.
[2] أزهار الأفكار: 115، 64، 73، 88، 120.
[3] المصدر السابق: 140.
نام کتاب : سرور النفس بمدارك الحواس الخمس نویسنده : التيفاشي، أحمد بن يوسف    جلد : 1  صفحه : 12
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست