نام کتاب : سر الفصاحة نویسنده : ابن سنان الخفاجي جلد : 1 صفحه : 21
وقد ذهب أبو علي محمد بن عبد الوهاب الجبائي[1]: إلى أن جنس الصوت يحتاج مع المحل إلى هيئة وحركة. وقال أبو هاشم أخيراً: أنه لا يحتاج إلا إلى المحل. وعلى هذا القول أكثر أصحابه. وله نصر الشريف المرتضى رضي الله عنه. واستدلوا على نفي حاجته إلى غير المحل بأنه مما لا يوجب حالاً لغيره فجرى مجرى اللون في أنه لا يحتاج إلى سوى محله. وقالوا: أن الصوت من فعلنا إنما احتاج إلى الحركة لأنها كالسبب فيه من حيث كنا لا نفعله إلا متولداً عن الاعتماد على وجه المصاكة والاعتماد يولد الحركة فلهذا جرى مجرى السبب. فليس يمتنع أن يفعل الله تعالى الصوت مبتدأ من غير حركة كما يفعله غير متولد عن الاعتماد وكما يفعل ما وقع منا بآلة من غير آلة. وجعلوا هذا هو العلة في انقطاع طنين الطست بتسكينه. وأجازوا وجود القليل من الصوت مع السكون عند تناهيه وانقطاعه ومنعوا من وجوده من فعلنا مع السكون من فعلنا حالا بعد حال[2] لما ذكرناه.
والأصوات تدرك بحاسة السمع في محالها ولا تحتاج إلى انتقال محالها وانتقالها وكونها أعراضا منع من انتقالها. وقد استدل على ذلك بأنها لو انتقلت لجاز أن تنتقل إلى بعض الحاضرين دون بعض حتى يكون مع التساوي في القرب والسلامة يسمع الصوت بعضهم دون بعض وأن يجوز إختلاف انتقال الحروف حتى يدرك الكلام مختلفا. واستدل على ذلك أيضاً بأنه: لو احتيج في إدراك الأصوات إلى انتقال المحال لما وقع الفرق مع السلامة بين جهة الصوت والكلام مكانهما كما أنه لا يعرف في أي جهة [1] هو محمد بن عبد الوهاب بن سلام الجنائي أبو علي ولد عام 235هـ وهو من أئمة المعتزلة ورئيس علماء الكلام في عصره وإليه نسبة الطائفة الجبائية له مقالات وآراء انفرد بها في المذهب نسبته إلى جبن بجبي له تفسير حافل مطول رد عليه الأشعري. توفي عام 303هـ. [2] في هذه العبارة ارتباك ظاهر وهنا كما ورد في الأصل.
نام کتاب : سر الفصاحة نویسنده : ابن سنان الخفاجي جلد : 1 صفحه : 21