الأدبر. فعطف عليه فاستنفذه. ويكب: في معنى يجب. فيقول، زاد الله في أنفاسه: إنَّي سألت ربَّي عزَّ سلطانه، ألاّ يحرمني في الجنّة تلذُّذاً بأدبي الذي كنت أتلذّذ به في عاجلتي، فأجابني إلى ذلك، وله الحمد في السّموات والأرض وعشيًّا وحين تظهرون.
النابغتان
ويمضي في نزهته تلك بشابيَّن يتحادثان، كلُّ واحدٍ منهما على باب قصرٍ من درٍّ؛ قد أعفي من البؤّس والضُّرّ. فيسلّم عليهما ويقول: من أنتما رحمكما الله، وقد فعل؟ فيقولان: نحن النابغتان، نابغة بني جعدة ونابغة بني ذبيان. فيقول، ثبَّت الله وطأته: أمّا نابغة جعدة فقد أستوجب ما هو فيه بالحنيفيَّة، وأمّا أنت يا أبا أمامة فما أدري ما هيّانك؟ أي ما جهتك، فيقول الذُّبيانيُّ: إني كنت مقرّاً بالله، وحججت البيت في الجاهليَّة، ألم تسمع قولي:
فلا لعمر الذي قد زرته حججاً،
وما هريق على الأنصاب من جسد
والمؤمن العائذات الطير تمسحها ... ركبان مكَّة بين الغيل والسَّند
وقولي:
حلفت فلم أترك لنفسك ريبةً،
وهل يأثمن ذو إمَّةٍ وهو طائع
بمصطحباتٍ من لصافٍ وثبرةٍ،
يردن ألالاً، سيرهنّ تدافع ولم أدرك النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم، فتقوم الحجّة عليَّ بخلافه. وإنَّ الله تقدَّست أسماؤه، عزَّ ملكاً وجلَّ، يغفر ما عظم بما قلَّ. فيقول، لا زال قوله عالياً: يا أبا سوادة، ويا أبا أمامة، ويا أبا ليلى، اجعلوها ساعة منادمةٍ، فإنَّ من قول شيخنا العباديّ:
أيُّها القلب تعلَّل بددن ... إنَّ همَّي في سماعٍ وأذن