خيل الجنة، مركب كلِّ واحدٍ منهما لو عدل بممالك العاجلة الكائنة من أوَّلها إلى آخرها لرجح بها، وزاد في القيمة عليها. فإذا نظر إلى صوار ترتع في دقاري الفردوس، والدَّقاريُّ: الرياض، صوب مولاي الشيخ المطرد، وهو الرُّمح القصير، لأخنس ذيَّال قد رتع هناك طويل أيام وليال؛ فإذا لم يبق بين السنان وبينه إلا قيد ظفرٍ، قال: أمسك، رحمك الله، فإني لست من وحش الجنَّة التي أنشأها الله سبحانه ولم تكن في الدار الزائلة، ولكنيَّ كنت في محلة الغرور أرود في بعض القفار، فمرَّ بي ركب مؤمنون قي كري زادهم، فصرعوني واستعانوا بي على السَّفر، فعوضني الله، جلَّت كلمته، بأن أسكنني في الخلود. فيكفُّ عنه مولاي الشيخ الجليل.
ويعمد لعلجٍ وحشيٍّ، ما التلف عنده بمخشيّ، فإذا صار الخرص منه بقدر أنملة قال: أمسك يا عبد الله، فإن الله أنعم عليَّ ورفع عني البؤس، وذلك أنّي صادني صائد بمخلب، وكان إهابي له كالسلب، فباعه في بعض الأمصار، وصراه للسَّانية صارٍ، فاتُّخذ منه غربٌ، شفي بمائة الكرب، وتطَّهر بنزيعه الصَّالحون، فشملتني بركةٌ من أولئك، فدخلت الجنَّة أرزق فيها بغير حساب. فيقول الشيخ: ى فينبغي أن تتميزَّن، فما كان منكنَّ دخل الفانية فما يجب أن يختلط بوحوش الجنَّة. فيقول ذلك الوحشيُّ: لقد نصحتنا نصح الشقيق، وسوف نمتثل ما أمرت.
وينصرف مولاي الشيخ الجليل وصاحبه عديّ فإذا هما برجلٍ يحتلب ناقةً في إناءٌ من ذهب، فيقولان: من الرَّجل؟ فيقول: أبو ذؤيب الهذليُّ. فيقولان: حييَّت وسعدت، لا شقيت في عيشك ولا بعدت، أتحتلب مع أنهار لبن؟ كأنَّ ذلك من الغبن. فيقول: لا بأس! إنما خطر لي ذلك مثلما خطر