وكذلك السَّلوى التي ذكرها الهذلي هي عند عسل الجنّة كأنَّها قارٌ رمليَّ، والقار: شجرٌ مرّ ينبت بالرَّمل، قال: بشرٌ:
يرجون الصَّلاح بذات كهفٍ، ... وما فيها لهم سلعٌ وقار
وعنيت قول القائل:
فقاسمها بالله جهداً لأنتم ... ألذُّ من السَّلوى إذا ما نشورها
وإذا من الله تبارك اسمه بورود تلك النهار، صاد فيها الوارد سمك حلاوةٍ، لم ير مثله في ملاوة، لو بصر به أحمد بن الحسين لاحتقر الهد؟ ّية التي أهديت إليه فقال فيها:
أقل ما في أقلّها سمكٌ، ... يلعب في بركةٍ من العسل
فأمَّا الأنهار الخمريّة، فتلعب أسماكٌ هي على صور السَّمك بحريَّةٌ ونهريّة، وما يسكن منه في العيون النَّبعية، ويظفر بضروب النَّبت المرّعية، إلاّ أنّه من الذَّهب والفضّة وصنوف الجواهر، المقابلة بالنُّور الباهر. فإذا مدّ المؤمن يده إلى واحدةٍ من ذلك السَّمك، شرب من فيها عذباً لو وقعت الجرعة منه في البحر الذي لا يستطيع ماءه الشارب، لحلت منه أسافل وغوارب؛ ولصار الصمَّر كأنَّه رائحة خزامى سهلٍ، طلتَّه الدَّاجنة بدهل، والدَّهل: الطائفة من اللَّيل، أو نشر مدامٍ خوَّارةٍ، سيَّارةٍ في القلل سوَّارة.
وكأنّي به، أدام الله الجمّال ببقائه، إذا استحقَّ تلك الرُّتبة، ببقين التوبة، وقد اصطفى له نامى من أدباء الفردوس: كأخي ثمالة، وأخي دوسٍ، ويونس بن حبيب الضُّبيّ، وابن مسعدة المجاشعيّ، فهم كما جاء في الكتاب العزيز: " ونزعنا ما في صدورهم من غلٍّ إخواناً على سررٍ متقابلين، لا يمسُّهم