نام کتاب : رسالة الصاهل والشاجح نویسنده : المعري، أبو العلاء جلد : 1 صفحه : 4
وقد عزمت يا خالي، أن أستودعك رسالةً إلى حضرة هذا الأمير، لتذكر بي ولاة العدل " فإن الذكرى تنفع المؤمنين ". لعل علاوةً تحط عن فودى مثقلٍ، ونزعاً بالغرب يخفف عن خابط عضه، وراحةً ينالها المتعب في النهار والظلم، وعيناً تطلق من السجن الدائم فتبصر الوضح؛ فقد بلغ نسيس الحشاشة وافتقر إلى الكلمة رب الكلمة، واضطر عارٍ إلى سحق النمرة، وألجىء مالك النخل الواعد إلى التمرة؛ ولكل ذي عمودٍ نوى. وكذلك جرت عادة الزمن بتغيير الكينة.
فيكون منك الطول بأن تصل تظلمى إلى الحضرة، فلعلي أنصف مع المظلومين. قد ترى ما أنا فيه، لا يطلب بعد عينٍ أثرٌ، ويريك بشر ما أحار مشفر. والسناسن العارية دلت على البأساء المتوارية؛ وما ظنك بدريس الأهدام؟ وكفى برغائها منادياً. إذا " ألحت المهرية فلم يبقى عندها من سير جرية، والتلف أهون من الصلف، وموت لا يجر إلى عارٍ، خيرٌ من عيش على رق. وما عبس طأئيٌ في وجه الضيف، إلا وقد صفر وعاؤه من كل طعام. اسق رقاش إنها سقاية.
إني مع الذي ألاقيه من قلة الدعة وعنف السياق، يسوسني أجير كسلان إذا سأله الملاك: أأرويته من سويد؟ قال: نعم. أحششته بعد ذلك؟ أأوسعت له من الحسيك؟ أتفقدته من آثار الأبرار؟ قال: أجل، نعم، حوب!. ويحلف " لهم الحذاء لقد فعل، وهو بشهادة الله أكذب من الشيخ الغريب والأخيذ الصبحان، وتوهم المخفق وتخيل الوالدة، والبرق في عام سنةٍ. والله المستعان على ما بطن من أمر وما ظهر.
ومن العجائب أنه إذا كان يوم أضحى أو فطرٍ، وهم كل تفلٍ بعطرٍ، واهتم المقتر بإخضام العيلة، وسمح للنصب من البهائم بالراحة، وغسل أطماره كل قهلٍ، وضحك إلى أخيه العابس، ورجوت أني لاشتغال الزراع بصلاتهم في العيد وإصابتهم شيئاً مما صنعه الآدميون، أظفر بقسمٍ من الراحة وسهمٍ أنتفع به من الدعة، وإن كان ذلك المرجو أقصر من ظمء الحمار، فإن الظمآن يعتصر بنسيم الريح، والجائع بلوس النواة، ولا أشعر بما في الغيوب. لقد لقى أحد الشركاء في رجلٌ من جيرانه يكرم عليه، فسأله أن يعيرني ولده كي يركب مع الولدان، فأجابه إلى ذلك. فانصرف الرجل إلى ابنه بالحديث، وهو من عرمة الصبيان. فأول ما صنع أن استعار سوطاً من بعض الناس، فإن عدم ذلك أخذ قصيدةً قصيرةً يأمن كسرها عند الضرب.
وبت محدثاً نفسي بالخير، حتى إذا كان بين الفجرين قبل أن يضح منهما المستطير، أحسست ببرة الرتاج تقرع على أهل الدار. فقالوا: من؟.
قال: فلان بن فلان " أنجز حرٌ ما وعد. فقالوا: دونك.
فدخل فحلني من المربط، وذهب فركبني بأغباش الليل، ووضع في مرة سوطٍ أو صدر وبيل. فلما فرق بين الشبحين، وانتشر أضوأ الصبحين، وخرج الفتيان على دوابهم، جعل يحثني بالضرب لأحضر كإحضار الخيل الجامة والشواحج المودعة، وهو على ظهري مثوب: ويبك أما تخب؟ ويبك أما تقرب؟ هيهات هيهات! ما باللمعة حبة، ولا في الأرض المجدبة ربةٌ، ولا بالشاجنة ريةٌ، ولا عند الراعية مفرية.
وهل ترك سغب من مناص؟ إن العير عجز عن القماص؛ إن الخبب وليته الشبب فهو بوجرة أو السماوة، والتقريب أودعته السمسم فألف الجريب.
حتى إذا اليوم متع وجهد أقصى الرمق، عثرت عثرةً فإذا الغلام قد سقط على الأم البرة. فلولا أني خشيت البارىء لوطئت رأسه وطأة متثاقلٍ تلحقه بعادٍ وثمود. ولكني رهبت العاجل من العقوبة، وهبت أن تكون له أمٌ صالحةٌ فتدعو على ملك الملوك. فقام سليماً من صرعته، يعتمد كشحى بوبيله.
ومن العني والعناء ضجك الفتيان والبهائم علي. القوائم كثيرات الوفز، والثبج لا يخلو من عفز. وقد أثر الكدان في العنق أثراً أبيض يظنه من جهل برصاً، وليس كذلك. فلو أقمت الشهادة بين يدي قاضي البهائم لما أمنت ألا يقبلها، إن كان يحكم بما في كتاب الدعائم.
وانصرف غير شاكر ولا مشكور. فلما ردني إلى المربط، لم يلبث أن جاء الزارع فحلني للعمل. فيا لك يوماً ما أطول! كان عند غيري كإبهام القطاة، وغاداني بحمى نطاة.
نام کتاب : رسالة الصاهل والشاجح نویسنده : المعري، أبو العلاء جلد : 1 صفحه : 4