نام کتاب : رسائل المقريزي نویسنده : المقريزي جلد : 1 صفحه : 309
بأن ما من شىء، وإن جلّت منفعته، كالماء «1» الذى منه حياة كل حيوان ونبات، إلا وفيه مضرّة ما، وما من شىء وإن عظمت مضرّته كالأفعى ونحوها إلّا وفيه منفعة، فالحكم للغالب، فما غلبت منفعته مضرته قيل فيه: نافع بإطلاق، وما غلبت مضرته منفعته قيل فيه: ضار بإطلاق.
ولا ريب عند الأطباء وغيرهم في عموم منفعة العسل، والتّداوى به في أكثر الأمراض، ومدحه لا سيما ما ركّب منه: كالسّكنجبين «2» والمعاجين، فإنّ أصلها العسل، ولا يغرنّك ما ألفته من استعمال ما ذكرنا بالسّكر دون العسل، فإنه أمر محدث لا تكاد تجده في كتب قدماء أطباء الإسلام، فضلا عن أطباء اليونان ومن قبلهم، وأنت تعرف صحة ذلك إن كنت ممن تمهّر في الطب.
وقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم أمر من يشتكى بطنه بشرب العسل، فلما أخبره أخو المشتكى بأنه لم يزده إلا استطلاقا أمره صلى الله عليه وسلّم بمعاودة شربه، إلى أن قال صلى الله عليه وسلّم:
«صدق الله، وكذب بطن أخيك» .
فاعترض بعض من في قلبه شك بأن الأطباء قد أجمعوا على أن العسل يسهل، فكيف يوصف لمن به إسهال؟، وأجيب بالمنع، فقد نص علماء الطب كمحمد بن زكريا الرازى «3» ، والرئيس أبى على بن سينا «4» ، ومن قبلهما جالينوس «5» فى آخرين، بأن العسل وإن كان يجذب الرّطوبات من قعر البدن، ويليّن الطبيعة، وإن كان الاستعداد من الغذاء في النفود قليلا أطلق. هذا هو التحقيق في ذلك.
فتبين أن العسل ليس بمسهل على كل حال، وأن حكاية الإجماع غير صحيحه، فمن الأطباء من ذلك سوى من ذكرنا. وأجاب بعضهم: بأنّ الإسهال المذكور كان عن امتلاء وهيضة، فناسبه شراب العسل ليخرج ما هنالك منها حتى يذهب
نام کتاب : رسائل المقريزي نویسنده : المقريزي جلد : 1 صفحه : 309