نام کتاب : رسائل المقريزي نویسنده : المقريزي جلد : 1 صفحه : 274
معروف، فإن ذلك الماء يسيح حتى يبل أقدامهم فكلما تأخروا تبعهم حتى يحصل به الغرض، فينصرفوا، فاعتبر ذلك بأن تجلس جماعة على شاطئ سيما وقت المد، ويكون من الجماعة صبى، فإذا تأملت البحر تجده يقذف موجه إلى جهة الصبى أشد ما يقذف به إلى جهة غيره من الجماعة، ولله في خليقته أسرار يبدى منها ما يشاء لمن يشاء سبحانه.
وقوله: «يحمل الأثقال وهو ضعيف» كلام صحيح، فإن السفن تمر فيه وهى موسقة بالأحمال، ومع حملها فهو في نفسه ضعيف، فإنه يؤثر فيه كل شىء ويغير بما يغيره.
«ويقذى «1» الأسد وهو ضعيف» صحيح أيضا، فإن المطر إذا نزل منه قطرة فى عين الأسد صار كأنما في عينه قذاة، وهى القشة ونحوها، وفي هذا الكلام إشارة إلى أنه ينكى الأسد الذى هو أقوى الحيوانات من كونه نحيفا يعنى لطيفا فلا شىء ألطف من الماء حاشا الهوى.
وقوله: «إن طلب أدرك وإن طلب أهلك» بلاغة، فإن الفصيح لا يستعمل هذه الجملة من الكلام إلا في حالة المغالبة كالحرب ونحوها، ففيه تنويه بقدر هذا المعمّى، وأنه لا يغالب، وكذلك هذا الماء من غالبه غلبه وأهلكه، ومن قوته مع لطافته سرعة نفوذه وسريانه في أضيق المسام.
وقوله: «يقطع في الأرض في ساعة بلا مال ولا بضاعة» إشارة إلى سرعة نزول الماء من السماء، وهو ظاهر، ويمكن أن يقال: أراد بالقطع الإبانة، فإن الماء يقطع في الأرض، أى: يجعل فيها أخاديد سيما وقت مسيل الماء في الأودية.
وقوله: «ويسكن القصور» ظاهر إذ ما من قصر إلا وفيه الماء.
وقوله: «ويأوى الليل إلى القبور» تعمية لطيفة، فإن الندى والطل يكون نزولهما ليلا أندى، وما الندى إلا الماء، وما من قبر بارز لا يحول بينه وبين الماء شىء إلا وينزل عليه الندى ليلا، فإذن صدق عليه أنه يأوى إلى القبور.
وقوله: «يبكى على الأحباب ويندب فقد الشباب» :
نام کتاب : رسائل المقريزي نویسنده : المقريزي جلد : 1 صفحه : 274