responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني نویسنده : محمد محمد أبو موسى    جلد : 1  صفحه : 84
-كما يقول الزمخشري: "المال الذي تأثلته، وعزمت ألا تخرجه من يدك"، ثم أكد: {هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى} ؛ لأن خزاعة كانت تعبدها، فأكد بربوبيتها له سبحانه، وقال: رب الشعرى ولم يقل: إله الشعرى؛ لأن الربوبية فيها إشارة إلى أنها مخلوقة له سبحانه، فكيف تعبد من دونه؟ ثم قال: {وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا} من غير تقرير؛ لأن استئصال قوم مما لا تظن فيه الشركة، وهكذا نجد نبرة التوكيد
تعلو، وتهبط في مراقبة دقيقة، وبالغة لمواقع المعاني في النفوس، وما تنطوي عليه دواخلها، وسبحان المحيط بالأسرار.
واضح أن مراعاة هذه الأحوال الثلاثة في صياغة الجملة، أعني عدم التوكيد لخالي الذهن، والتوكيد للمتردد، والمنكر حسب إنكاره -أمر يجري على الأصل، ويوافق ما يقتضيه ظاهر حال المخاطب، والبلاغيون يسمون الأول الضرب الابتدائي، والثاني الطلبي والثالث الإنكاري، ومناسبة التسمية واضحة؛ لأنك في الأول تبتدئ به المعنى في النفس، والثاني تواجه تددا، وكأن النفس طالبة للخبر والثالث تواجه به إنكارًا.
وقد يجري الكلام على خلاف الظاهر من حال المخاطب أي أن المتكلم لا يعتد بهذا الواقع في صياغته، وإنما يجري على أمور اعتبارية تنزيلية يلحظها هو، ويعتبرها مقامات يصوغ عبارته على مقتضاها، وذلك موطن دقيق، لا يهتدي إلى مواقعه الشريفة إلا ذكي النفس دقيق الحس واسع الخيال.
فمن ذلك أن تكون الجملة، أو الجمل السابقة متضمنة إشارات، أو إيماءات تثير في النفس المتلقية تساؤلا، فتسعفها الجملة الثانية بما يزيل التردد، ويجيب عن هذا الهمس، فيدخل قدر من التوكيد في بناء العبارة ليواجه هذا التردد، ومن ذلك الجمل المؤكدة في الكلام الفصيح، والواقعة عقب الأمر والنهي، أو الإرشاد والتوجيه، انظر إلى قول ابن المقفع: "لا تكونن نزر الكلام والسلام، ولا تفرطن بالهشاشة والبشاشة، فإن إحداهما من الكبر، والأخرى من السخف، وقوله: فإن أحداهما من الكبر جاء مؤكدا؛ لأنه تعليل لهذا النصح، وكأنه حين

نام کتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني نویسنده : محمد محمد أبو موسى    جلد : 1  صفحه : 84
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست