نام کتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني نویسنده : محمد محمد أبو موسى جلد : 1 صفحه : 358
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [1]، يقول: "وفي لا تقدموا من غير ذكر مفعول وجهان: أحدهما: أن يحذف ليتناول كل ما يقع في النفس مما يقدم، والثاني: ألا يقصد قصد مفعول ولا حذفه، وإنما يتوجه بالنفي إلى نفس التقدمة كأنه قيل: ولا تقدموا على التلبس بهذا الفعل، ولا تجعلوها منكم بسبيل كقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ} [2]، فهذان كما نرى معنيان لا معنى واحد، فليست الاحتمالات إلا أشكالا من المعاني متلبسة بأحوال الكلمات، واعلم أن فقه هذا هو الذي يعينك على فقه الأدب وتذوقه، ولما غاب هذا الباب الجليل عن المشتغلين بالشعر حسبوا أنه ليس لنا تراث في تحليل الشعر.
وقد ذكروا أن سر الحذف في قوله تعالى: {فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [3]، أي وأنتم تعلمون أنه لا يماثل، أو وأنتم تعلمون ما بينه، وبينها من التفاوت.
ويمكن أن يقال: إن الحذف في هذا يجري مجرى الحذف في بيت البحتري: يرى مبصر ويسمع واع، وكأن المراد -والله أعلم- فلا تجلعوا لله أندادا، وأنتم يقع منكم العلم وتتصفون به؛ لأن كون ممن يعلم كاف في معرفة أنه ليس له شبيه.
ومما جاء فيه حذف المفعلو مشيرًا إلى جملة فوائد قوله -تعالى-: {وَالضُّحَى، وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى، مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} [4]، والأصل وما قلاك، قال الخطيب: حذف المفعول لأجل الاختصار اللفظي لظهور المحذوف كما في قوله تعالى: {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ} [5]، إذ الأصل والذاكرين الله كثيرا والذاكراته، وقال: إن [1] الحجرات: 1. [2] غافر: 68. [3] البقرة: 22. [4] الضحى: 1-3. [5] الأحزاب: 35.
نام کتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني نویسنده : محمد محمد أبو موسى جلد : 1 صفحه : 358