نام کتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني نویسنده : محمد محمد أبو موسى جلد : 1 صفحه : 329
إذا صرف النهار الضوء عنهم ... دجا ليلان ليل والغبار
وإن جنح الظلام انجاب عنهم ... أضاء المشرفية والنهار
انظر إلى قوله: "إن جنح الظلام"، وكيف أشار بإن إلى أن هذه القطع من الظلام جاثمة عليهم متثاقلة توشك ألا تنجاب، وواضح أن ذهاب الليل، وحلول النهار مثل ذهاب النهار، وحلول الليل في توقع الوقوع؛ لأنها ظواهر لا تنفك الواحدة منها عن الأخرى، ولكن الشاعر أشار بإذا لانصراف النهار، وحلول الليل كأنه وشيك الانصراف في كل حال، ثم أشار بإن لانصراف الليل، وكأن ذلك يوشك ألا يكون، الشاعر هنا أحسن كل الإحسان حين تصرف هذا التصرف البصير في موقع هاتين الأداتين، وكأنه يصور بها تصويرا دقيقا الواقع النفسي لهذا الجماعة التي بلغ في وصف حالها غاية ما يبلغ الشعر في مثله، انظر إلى قوله:
يرون الموت قداما وخلفا ... فيختارون، الموت اضطرار
إذا سلك السماوة غير هاد ... فقتلاهم لعينيه منار
ومما أصاب فيه المتنبي في موقع "إن" قوله وهو مشهور: "من البسيط"
إن كان سركم ما قال حاسدنا ... فما لجرح إذا أرضاكم ألم
انظر كيف جاء بأن مع هذا الحدث الواقع، وكأنه يقول: ما كان ينبغي لما بيني وبينك من طول المودة، والمخالطة أن يكون منك هذا، وأن يسرك ما قال حاسدنا.
وقد تجدك في حاجة إلى شيء من التأمل، وسعة النظر لتدرك دلالة هذه الأداة في بعض مواقعها، انظر إلى قول الأحوص: "من الطويل"
إذا رمت عنها سلوة قال شافع ... من الحب ميعاد السلو المقابر
ستبقى لها في مضمر القلب والحشا ... سريرة حب يوم تبلى السرائر
نام کتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني نویسنده : محمد محمد أبو موسى جلد : 1 صفحه : 329