responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني نویسنده : محمد محمد أبو موسى    جلد : 1  صفحه : 178
والإيجاز وقد وصف بدقة بالغة وقوع عصا موسى في ساحة الصراع بعدما ملأها باطل السحرة، وقوله: {فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ} ، حذف فيه المسند إليه للإشارة إلى السرعة الفائقة في وقوع الحدث، وتصوير أن قوة مجهولة أستلبت عنادهم، وكفرهم فخروا في ساحة الحق ساجدين.
وقد ارتضى بعض البلاغيين أن يعتبر من باب حذف المسند إليه حذف الفاعل فيما بنى فعله للمعلوم، وذلك كقوله تعالى: {كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ، وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ} [1]، أي إذا بلغت الروح، والحذف هنا لظهور الفاعل ظهورًا لا لبس فيه، والآية في ذكر الموت، ولا يبلغ التراقي عند الموت إلا النفس والروح، وكأن في إسقاطها من العبارة إشارة إلى ما هي عليه من وشك المفارقة.
ومثله قول حاتم: "من الطويل"
أماوي ما يغني الثراء عن الفتى ... إذا حشرجت يوما، وضاق بها الصدر
أراد إذا حشرجت الروح، والحشرجة صوت يردده المريض في حلقه.
وهو مأخوذ من الحشر نظرا لضيق مكان النفس في هذه الحال، والحذف هنا أيضا لشدة ظهور المحذوف، وللإشارة السابقة؛ ولأن الشاعر يصف مقام ضيق وشدة، والحذف فيه أدل على قصر النفس، وأكثر وحيا بمعنى الحشرجة.
ومنه قوله تعالى -حكاية عن سيدنا سليمان عليه السلام-: {إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ} [2]، وأراد حتى توارت الشمس بالحجاب، فحذفت الشمس لبيان المراد؛ ولأنها توارت فلاءم الحذف دلالة الكلام، وتأمل وتفقد أحببت حب الخير عن ذكر ربي، ومنه قوله تعالى: {لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ} [3]، في قراءة نصب بينكم، قالوا: المراد: لقد تقطع الأمر، فحذف الفاعل للإشارة إلى أنه أمر منقطع ساقط، والأمر المراد به العلاقة الموهومة بينهم، وبين شفعائهم الذين زعموا أنهم فيهم شركاء، وسياق الآية هكذا: {وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا

[1] القيامة: 26-27.
[2] سورة ص: 32.
[3] الأنعام: 94.
نام کتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني نویسنده : محمد محمد أبو موسى    جلد : 1  صفحه : 178
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست