responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني نویسنده : محمد محمد أبو موسى    جلد : 1  صفحه : 144
يلحظ هذا، وإنما أراد أن يقول: إن ذكر قومه وصيتهم البعيد الذي ملأ الأسماع كان سببا قويا في أن أفسح الناس لهذه الإبل، ولم يتعرض لها أحد، فبالغ في هذه السببية حين صيرها فاعلة الفعل، فجعل الذكر الذكر هو الساقي، ويقال مثله في: يحمي نساءنا ضرب، فإنه أراد أن يبالغ في قوتهم، واقتدارهم وأن ضربهم الشديد الأرعل، والذي تطير له السواعد هو سبب في حماية نسائهم، وأنه هو السبب الذي ليس وراءه سبب آخر، فنسب الحماية إليه، ومثله قوله - تعالى-: {فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ} ، فقد أراد والله أعلم بمراده أن يؤكد سببية التجارة في الربح، فأسند الربح إلبها ثم نفى ذلك، ولعلك تقول: إن الآية واردة في سياق بيان ضلال الذين اشتروا الضلالة بالهدى، وأن هذه التجارة لا ربح فيها، فكيف نقول: إن التجوز في الإسناد مشير إلى قوة سببية هذه التجارة في ربح أصحابها؟
والوجه عندنا أن هذا يشير إلى معنى دقيق هو أنه ينبغي لصاحب العقل، والدين أن يدع هذه البيعة المذكورة في قوله: {اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى} حتى ولو كانت سببا أكيدا للربح فما بالك بها، وهي لست رابحة، وهذا معنى دقيق، وله نظائر في كلام الله، والكلام الفصيح.
القصد الأهم في صور المجاز العقلي إلى الإسناد والتصرف فيه، وقد يتبع ذلك كما قلت تشبيه الفاعل المجازي بالفاعل الحقيقي، ولكن هذا يكون ظلا لهذا التجوز، وتابعا له ولم يقصد إليه في هذه الأساليب، نعم هناك صور تشتبه، ويرددها الدارسون بين المجاز العقلي، والاستعارة المكنية والتبعية، ولكننا لو حققنا النظر كما ينبغي وأوتينا حسا أقوى، وإدراكا أسمى لتميزت الصور وبرزت فروقها الخفية، وألوانها الدقيقة على أن التردد بين الفنون الثلاثة إنما يكون غالبا في الأمثلة المؤلفة التي يدور عليها الدرس، وللعلامة السيد الشريف كلام دقيق في هذا الموضوع ذكره في حاشيته على المطول، ومجال تحقيق هذا الموضوع هو علم البيان، وقد حققته في التصوير البياني.

نام کتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني نویسنده : محمد محمد أبو موسى    جلد : 1  صفحه : 144
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست