قيلَ لي قدْ غَضِبوا قلتُ لهم ... غَضَبَ الخيلِ علَى اللّجْمِ الدِّلاص
أنشدنا أبو المسجح البغدادي الضَّرير لنفسه:
بَغيضٌ بَراُ اللهُ أثقَلَ مَن مشَى ... ففي كلِّ قلب بَغْضَةٌ منه كامِنَهْ
خَطَا فدعتْ منْ ثقلِه الأرضُ ربَّها ... وقالتْ إلهي زدتَ في الأرضِ ثامِنَهْ
وقال آخر:
سنصبِرُ إنْ جفوتَ كما صبرنا ... لغيركَ من أميرٍ أو وزيرِ
رجوناهُمْ فلمَّا آيسُونا ... أدالَتْ منهمْ غيرُ الدُّهورِ
ولمَّا لم نجدْ منهم سُروراً ... رأينا فيهمُ كُلَّ السُّرورِ
فَفزنا بالسَّلامةِ وهي غُنْمٌ ... وباتُوا في المحابِسِ والقُبورِ
وأنشدنا بكر بن أبي بكر:
ثقيلٌ يُطالعُنا مِن أَمَمْ ... إذا سَرَّه رَغْمُ أنفِي رَغِمْ
لطلعتِهِ وَخزةٌ في الحَشَا ... كوقعِ المشَارِطِ في المحتَجَمْ
أقولُ لهُ إذْ أتَى مقبلاً ... ولا نقلتْهُ إليَّ قَدَمْ
فقدتُ خيالَكَ لا من عَمًى ... وجرَس كلامك لا من صَمَمْ
وقال بشَّار المرعّث:
كيفَ لا تحمِلُ الأمانَةَ أرضٌ ... حمَلَتْ فوقَهَا أبا سُفيانِ
آخر:
خَلَقَ اللهُ جِبالاً وتَّدَ الأرضَ بها ... ولوَ انْشَاكَ بَدِيّاً كنتَ عنها بَدَلا
وقال آخر:
ألهَى بني تَغلبٍ عن كلِّ مكرُمَة ... قصيدةٌ قالَهَا عمرُو بن كلثُومِ
يَمْشِي السَّليطيُّ والأبطالُ قد كُلِمُوا ... وسْطَ الرِّجالِ بَطيئاً غيرَ مكلومِ
وقال آخر:
أبا حاتمٍ قد كُنتَ سَبَّاحَ غَمرةٍ ... صَغيراً فلمَّا شِخْتَ خيَّمتَ بالشَّاطِي
كسِنَّوْرِ عبدِ الله بِيعَ بدرهَمٍ ... صغيراً فلمَّا شبَّ بِيعَ بقيراطِ
وقال آخر:
دَعِيٌّ في الكتابَةِ يدَّعيها ... كدعوَةِ آل حربٍ في زِيادِ
فَدَعْ عنكَ الكتابَةَ لستَ منها ... ولو أنْقَعْتَ ثوبَكَ في المدادِ
فديوانُ الخَراجِ بطرْحِ جِيمٍ ... وديوانُ الضِّياعِ بفتْحِ ضادِ
وقال أبو الفتح كشاجم:
وزعمتَ أنَّكَ في الكتابَةِ مُدركٌ ... شأوِي وقلتَ سلاحُنا الأقلامُ
وقال آخر في الوزراء:
عصائِبٌ أصبحُوا بالملكِ لاهيةً ... صارُوا وجُوهاً وكانُوا قبلُ أستاهَا
منهم سعيدٌ وسَعدانٌ وسَاعدةٌ ... سُبحانَ من فَضَحَ الدُّنيا وأخزاهَا
وقال آخر:
يا دولةً ليسَ فيها ... لعاقلٍ كسبُ حَبَّهْ
مُرّي إلى لعنةِ الل ... هِ أُمّ أهلكِ قَحْبَهْ
وقال أمير المؤمنين عليّ كرَّم الله وجهه:
رأيتُك تَبنِي مَسْجداً من خيانةٍ ... فأنتَ وبيتِ الله غيرُ موفَّقِ
كمطعمةِ الرمَّان من كسبِ فَرجِها ... لكِ الويلُ لا تَزني ولا تَتَصدَّقي
آخر:
زعمتَ أنَّكَ عَمي ... كذبتَ بلْ أنتَ غَمي
لأنَّ فيكَ خِصالاً ... أذمُّها كلَّ ذمِّ
وقال اليمامي:
إذا ما هممتَ بقتلِ امرئٍ ... فهيِّ الحَنوط له والكَفَنْ
ولا تُشهِرنْ عليه السلا ... حَ ودعْهُ وزوّجْه أمَّ الحَسنْ
وقال ابن بسّام:
لو نَزلَ الوحيُ علَى نَفْطويه ... لكانَ ذاكَ الوحيُ خزياً عليه
أحرقَه الله بنصفِ اسمِه ... وصيَّرَ النصفَ صُراخاً عليه
وقال آخر:
ولو أنَّ الذُبابَ رآه يوماً ... يُدوِّمُ حولَ صَحْفتِه يَحومُ
لَنادى في العشيرة أدْرِكوني ... ألا أينَ القَماقمةُ القُرومُ
فيا ويلَ الذبابِ إنِ ادرَكوه ... وفي الهيجا عدوُّهمُ سليمُ
ومن غريب الهجاء قول العبدلكاني:
أبا نَصْرٍ وأنتَ علَى الحواشي ... كثيرُ القَدْرِ تَعدِلُ بالسلامِ
إمامُك مُنْظرٌ وأبوك ماضٍ ... من الإيواءِ ممتنعُ المرامِ
وقال أبو السّريّ:
ما للعُدولِ أراني الله جمعَهُمُ ... في مُطْبقٍ من جحيم النّارِ مَسْعورِ
قومٌ إذا حاربوا كانت أسنّتُهم ... بَثَّ الشَّهادةِ بينَ النَّاسِ بالزورِ
ترى قلانسَهم كالرمحِ طعنتُها ... لكن جَراحتُها في جنب مغدورِ
همُ الصعاليكُ إلاَّ أنَّ بأسَهم ... علَى المزارعِ والأطلالِ والدورِ