نام کتاب : جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة نویسنده : أحمد زكي صفوت جلد : 2 صفحه : 475
قليلة عقولهم[1]، قد قلدوا أهل بيت من العرب دينهم، وزعموا أن موالاتهم لهم تغنيهم عن الأعمال الصالحة، وتنجيهم من عقاب الأعمال السيئة، قاتلهم الله أنى يؤفكون[2].
فأي هؤلاء الفرق يا أهل المدينة تتبعون، أم بأي مذاهبهم تقتدون؟ وقد بلغني أنكم تنتقصون أصحابي! قلتم شباب أحداث، وأعراب جفاة، ويحكم يا أهل المدينة! وهل كان أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وآله المذكورون في الخير إلا شبابًا أحداثًا؟ أما والله إني لعالم تتابعكم فيما يضركم في معادكم، ولولا اشتغالي بغيركم عنكم ما تركت الأخذ فوق أيديكم شباب والله مكتهلون[3] في شبابهم، غضيضة عن الشر أعينهم، ثقيلة عن الباطل أرجلهم، أنضاء[4] عبادة، وأطلاح سهر[5]، باعوا أنفسًا تموت غدًا، بأنفس لا تموت أبدًا، قد نظر الله إليهم في جوف الليل، منحنية أصلابهم على أجزاء القرآن، كلما مر أحدهم بآية من ذكر الجنة بكى شوقًا إليها، وإذا مر بآية من ذكر النار شهق شهقة، كأن زفير جهنم بين أذنيه، قد أكلت الأرض ركبهم وأيديهم وأنوفهم وجباههم، ووصلوا كلال[6] الليل بكلال النهار، مصفرة ألوانهم، ناحلة أجسامهم، من طول القيام، وكثرة الصيام، مستقلون لذلك في جنب الله، موفون بعهد الله، منجزون لوعد الله، حتى إذا رأوا سهام العدو وقد فوقت[7]، ورماحهم وقد أشرعت[8]، وسيوفهم وقد انتضبت[9]، وبرقت الكتيبة ورعدت بصواعق الموت، استخفوا بوعيد الكتيبة لوعيد الله، ولم يستخفوا بوعيد الله لوعيد [1] وفي البيان والتبيين "جفاة عن القرآن؛ أتباع كهان". [2] أفكه عنه كضرب: صرفه وقلب رأيه. [3] أي قد أحرزوا رزانة الكهول وسداد رأيهم. [4] جمع نضو كحمل، وهو المهزول. [5] جمع طلح وهو كنضو وزنًا ومعنى [6] الكلال: التعب والإعياء. [7] فوق السهم: جعل له فوقا "بالضم" وهو موضع الوتر من السهم؛ أي أعدت الرمي. [8] سددت. [9] استلت.
نام کتاب : جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة نویسنده : أحمد زكي صفوت جلد : 2 صفحه : 475