نام کتاب : جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة نویسنده : أحمد زكي صفوت جلد : 2 صفحه : 35
20- نصيحة محمد بن الحنفية للحسين رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما:
"يا أخي: أنت أحب الناس إلي، وأعزهم علي، ولست أدخر النصيحة لأحد من الخلق أحق بها منك، تنح بتبعتك[1] عن يزيد بن معاوية، وعن الأمصار ما استطعت، ثم ابعث رسلك إلى الناس، فادعهم إلى نفسك، فإن بايعوا لك حمدت الله على ذلك، وإن أجمع الناس على غيرك لم ينقص الله بذلك دينك ولا عقلك، ولا يذهب به مروءتك ولا فضلك، إني أخاف أن تدخل مصرًا من هذه الأمصار، وتأتي جماعة من الناس، فيختلفوا بينهم، فمنهم طائفةٌ معك، وأخرى عليك، فيقتتلوا، فتكون لأول الأسنة، فإذا خيرُ هذه الأمة كلها نفسًا وأبًا وأمًّا أضيعها دمًا، وأذلها أهلا".
قال له الحسين: "فإني ذاهب يا أخي". قال: "فانزلْ مكةَ، فإن اطمأنت بك الدار فسبيلٌ ذلك، وإن نبت[2] بك لحقت بالرمال، وشعف[3] الجبال، وخرجت من بلد إلى بلد، حتى تنظر إلام يصير أمر الناس، وتعرف عند ذلك الرأي، فإنك أصوب ما يكون رأيًا وأحزمه عملا، حتى تستقبل الأمور استقبالا، ولا تكون الأمور عليك أبدًا أشكل منها حين تستدبرها استدبارًا".
قال: "يا أخي قد نصحت فأشفقت، فأرجو أن يكون رأيك سديدًا موفقًا".
وسار إلى مكة، فأتاه أهل الكوفة ورسلهم، إنا قد حبسنا أنفسنا عليك، ولسنا نحضر الجمعة مع الوالي فاقدَم علينا[4] -وكان النعمان بن بشير الأنصاري على الكوفة- [1] تبعة جمع تابع. [2] ضاقت. [3] الشعف: جمع شفعة محركة، وهي رأس الجبل. [4] اجتمعت الشيعة بالكوفة في منزل سليمان بن صرد، فذكروا هلاك معاوية فحمدوا الله عليه، فقال سليمان: "إن معاوية قد هلك، وإن حسينا قد تقبض على القوم ببيعته، وقد خرج إلى مكة، وأنتم شيعته وشيعة أبيه، فإن كنتم تعلمون أنكم ناصروه ومجاهدو عدوه فاكتبوا إليه وإن خفتم الوهل "بالتحريك الضعف والفزع والفشل" فلا تغزوا الرجل من نفسه" قالوا: "لا، بل نقاتل عدوه، ونقتل أنفسنا دونه" قال: فاكتبوا إليه، فكتبوا إليه: بسم الله الرحمن الرحيم، لحسين بن علي من سليمان بن صرد، والمسيب بن نجية، ورفاعة بن شداد، وحبيب بن مظاهر، وشيعته من المؤمنين والمسلمين من أهل الكوفة، سلام عليك، فإنا نحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد: فالحمد لله الذي قصم عدوك الجبار العنيد الذي انتزى "وثب" على هذه الأمة فابتزها أمرها، وغصبها فيئها، وتأمر عليها بغير رضا منها، ثم قتل خيارها، واستبقى شرارها، وجعل مال الله دولة بين جبابرتها وأغنيائها، فبُعْدًا له كما بعدت ثمود، إنه ليس علينا إمام، فأقبل لعل الله أن يجمعنا بك على الحق، والنعمان بن بشير في قصر الإمارة، لسنا نجتمع معه في جمعة، ولا نخرج معه إلى عيد، ولو قد بلغنا أنك قد أقبلت إلينا أخرجناه، حتى نلحقه بالشام إن شاء الله، والسلام ورحمة الله عليك" وكتبوا إليه أيضًا: "بسم الله الرحمن الرحيم، لحسين بن علي من شيعته من المؤمنين والمسلمين، أما بعد: فحيهلا "أي أقبل" فإن الناس ينتظرونك، ولا رأي لهم في غيرك، فالعجل العجل والسلام عليك" وكتبوا: "أما بعد: فقد اخضر الجناب، وأينعت الثمار، وطمت الجمام، "الجمام: بالكسر جمع جم بالفتح، وهو معظم الماء وطمى الماء: علا، وطم: غمر" فإذا شئت فأقدم على جند لك مجند، والسلام عليك" فكتب إليهم: "بسم الله الرحمن الرحيم، من حسين بن علي إلا الملأ من المؤمنين والمسلمين، أما بعد: فإن هانئًا وسعيدًا "وهما هانئ بن هانئ وسعيد بن عبد الله قدما على بكتبكم، وكانا آخر من قدم علي من رسلكم، وقد فهمت كل الذي اقتصصتم وذكرتم، ومقالة جلكم إنه ليس علينا إمام، فأقبل لعل الله أن يجمعنا بك على الهدى والحق، وقد بعثت إليكم أخي وابن عمي وثقتي من أهل بيتي، وأمرته أن يكتب إلي بحالكم وأمركم ورأيكم، فإن كتب إلي أنه قد أجمع رأي مَلَئِكُم وذوي الفضل والحجا منكم على مثل ما قدمت علي به رسلكم وقرأت في كتبكم، أقدم عليكم وشيكا إن شاء الله، فلعمري ما الإمام إلا العامل بالكتاب والآخذ بالقسط والدائن بالحق والحابس نفسَه على ذات الله والسلام".
نام کتاب : جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة نویسنده : أحمد زكي صفوت جلد : 2 صفحه : 35