نام کتاب : جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة نویسنده : أحمد زكي صفوت جلد : 2 صفحه : 271
ما أعد الله من الثواب الكريم لأهل طاعته، والعذاب الأليم لأهل معصيته، في الزمن السرمدي[1] الذي لا يزول، أتكونون كمن طرفت[2] عينَه الدنيا، وسدت مسامعُه الشهواتُ، واختار الفانيةَ على الباقيةِ، ولا تذكرون أنكم أحدثتم في الإسلام الحدثَ الذي لم تسبقوا إليه، من ترككم للضعيف يُقهر ويؤخذ مالُه، هذه المواخير[3] المنصوبة، والضعيفة المسلوبة في النهار المبصر، والعددُ غيرُ قليل، ألم يكن منكم نُهاةٌ، تمنعُ الغُوَاةَ[4] عن دَلَج[5] الليل، وغارةِ النهار؟ قربتم القرابة، وباعدتم الدين! تعتذرون بغير العذر، وتغضون على المختلس، كل امرئ منكم يذب[6] عن سفيه، صنيعَ من لا يخاف عاقبة ولا يرجو معادًا، ما أنتم بالحلماء، ولقد اتبعتم السفهاء؛ فلم يزل بكم ما ترون من قيامكم دونهم، حتى انتهكوا حرم[7] الإسلام، ثم أطرقوا وراءكم، كُنُوسًا في مكانسِ الرِّيب[8] حرامٌ عليَّ الطعام والشراب، حتى أسويها بالأرض هدمًا وإحراقًا.
إني رأيت آخر هذا الأمر لا يصلح إلا بما صلح به أوله، لين في غير ضعف، [1] الدائم. [2] طرف عينه: أصابها بشيء فدمعت، وطرف بصره: أطبق أحد جفنيه على الآخر، وطرفه عنه كضربه: صرفه ورده. [3] جمع ماخور وهو بيت الريبة معرب أو عربي من مخرت السفينة لتردد الناس إليه. [4] جمع ناه، وغواة جمع غاو. [5] السير من أول الليل، وقد أدلجوا، فإن ساروا من آخره فادلجوا بالتشديد. [6] يدفع. [7] جمع حرمة، وهي ما لا يحل انتهاكه. روى الشعبي قال: "لما خطب زياد خطبته البتراء بالبصرة ونزل، سمع تلك الليلة أصوات الناس يتحارسون، فقال: ما هذا؟ قالوا: إن البلد مفتون، وإن المرأة من أهل المصر لتأخذها الفتيان الفساق، فيقال لها: نادي ثلاثة أصوات، فإن أجابك أحد، وإلا فلا لوم علينا فيما نصنع! ". [8] كنوس جمع كانس: أي مستتر كقعود وجلوس جمع قاعد وجالس، وأصله من كنس الظبي كضرب: دخل في كناسه "ككتاب" وهو مستتره من الشجر، ويجمع كانس أيضًا على كنس "كركع" ومنه الجواري الكنس "وهي الخنس" وهي الكواكب السيارة، أو النجوم الخمسة: زحل، والمشتري، والمريخ، والزهرة، وعطارد؛ لأنها تكنس في المغيب كالظباء في الكنس "ككتب"، أو هي كل النحوم لأنها تبدو ليلًا وتختفي نهارًا "وخنوسها أنها تغيب كما يخنس الشيطان إذا ذكر الله عَزَّ وَجَلَّ" ومكانس الريب: مكامنها المستترة جمع مكنس كمجلس.
نام کتاب : جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة نویسنده : أحمد زكي صفوت جلد : 2 صفحه : 271