responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة نویسنده : أحمد زكي صفوت    جلد : 2  صفحه : 256
ولادة، وجئت لنا بما حججتم به القائم عند موت الرسول عليه الصلاة والسلام، فأذعن للحجة بذلك، ورده الإيمان إلى النصف، فركبتم الأعاليل، وفعلتم الأفاعيل، وقلتم: كان ويكون، حتى أتاك الأمر يا معاوية، من طريق كان قصدها لغيرك، فهناك[1]، فاعتبروا يا أولي الأبصار، وذكرت قيادة الرجل القوم بعهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وتأميره له، وقد كان ذلك، ولعمرو بن العاص يومئذ فضيلة، بصحبة الرسول وبيعته له وما صار لعمرٍو يومئذ حتى أنف القوم إمرته، وكرهوا تقديمه وعدُّوا عليه أفعاله، فقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا جرم[2] معشر المهاجرين، لا يعمل عليكم بعد اليوم غيري". فكيف يحتج بالمنسوخ من فعل الرسول، في أوكد الأحوال، وأولاها بالمجتمَعِ عليه من الصواب؟ أم كيف صاحبت بصاحب تابعًا، وحولك من لا يؤمن في صحبته، ولا يعتمد في دينه وقرابته، وتتخطاهم إلى مسرفٍ مفتونٍ؟ تريد أن تلبس الناس شبهة، يسعد بها الباقي في دنياه، وتشقى بها في آخرتك، إن هذا لهو الخسران المبين، وأستغفر الله لي ولكم".
فنظر معاوية إلى ابن عباس، فقال: ما هذا يابن عباس، ولما عندك أدهى وأمرّ! فقال ابن عباس: لعمر الله، إنها لذرية الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأحد أصحاب الكساء[3]، ومن البيت المطهر، فالْهَ عما تريد، فإن لك في الناس مقنعًا، حتى يحكم الله بأمره، وهو خير الحاكمين، فقال معاوية: أعود[4] الحلم التحلم، وخيرُه التحلمُ عن الأهل، انصرفا في حفظ الله.
ثم أرسل معاوية إلى عبد الرحمن بن أبي بكر، وإلى عبد الله بن عمر، وإلى عبد الله بن الزبير، فجلسوا.

[1] مسهل عن هنأ، يقال: هنأه الطعام: إذا ساغ ولذ، أي فهنيئًا لك ما نلت من الخلافة.
[2] لا جرم: قال الفراء "هي كلمة كانت في الأصل بمنزلة لا بد ولا محالة، فجرت على ذلك وكثرت حتى تحولت إلى معنى القسم، وصارت بمنزلة حقًّا، فلذلك يجاب عنها باللام كما يجاب بها عن القسم، ألا تراهم يقولون: "لا جرم لآتينك".
[3] انظر ص32.
[4] أعود: أنفع، والعائدة: المنفعة.
نام کتاب : جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة نویسنده : أحمد زكي صفوت    جلد : 2  صفحه : 256
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست