نام کتاب : جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة نویسنده : أحمد زكي صفوت جلد : 2 صفحه : 229
الأجل، حين فرغ من الصغر ودخل في الكبر، حليم حديد[1]، لين شديد، رقيق كثيف، رفيق عنيف، حين اشتد عظمه، واعتدل جسمه، ورمى الدهر ببصره واستقبله بأشره، فهو إن عض نهس[2]، وإن سطا فرس[3]، لا يقلقل له الحصى، ولا تقرع له العصا[4]، ولا يمشي السمَّهى5" فما بقي بعد ذلك إلا ثلاث سنين وثمانية أشهر حتى قصمه الله.
"العقد الفريد [2]: 157". [1] رجل حديد يكون في اللسن والفهم والغضب، وحد عليه: غضب. [2] نهس اللحم: أخذه بمقدم أسنانه ونتفه. [3] فرس فريسته: دق عنقها. [4] يشير إلى المثل المشهور: "إن العصا قرعت لذي الحلم"، وقد سبق شرحه في ص184.
5 السمهى والسميهى: الباطل والكذب يقال: ذهب في السميهى أي في الباطل: وجرى فلان السمهى: أي جرى إلى غير أمر يعرفه.
214- خطبة له بمكة:
واستعمل سعيد بن العاص -وهو والٍ على المدينة- ابنه عمرو بن سعيد واليًا على مكة، فلما قدم لم يلقه قرشي ولا أموي إلا أن يكون الحارث بن نوفل، فلما لقيه قال له: يا حار، ما الذي منع قومك أن يلقوني كما لقيتني؟ قال: ما منعهم من ذلك إلا ما استقبلتني به، والله ما كنيتني، ولا أتممت اسمي، وإنما أنهاك عن التشذر[1] على أكفائك، فإن ذلك لا يرفعك عليهم، ولا يضعهم لك، قال: والله ما أسأت الموعظة، ولا أتهمك على النصيحة، وإن الذي رأيت مني لخلق[2]، فلما دخل مكة قام على المنبر، فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال:
"أما بعد، معشر أهل مكة فإنا سكنَّاها غبطة، وخرجنا عنها رغبة، ولذلك كنا إذا رفعت لنا اللهوة[3] بعد اللهوة أخذنا أسناها، ونزلنا أعلاها، ثم شرج[4] أمر [1] تذر: توعد وتهدد وتغضب وتسرع إلى الأمر، والمراد هنا التكبر. [2] الخَلق: البالي، والمراد أنه لا يعود إليه. [3] اللهوة بالضم والفتح: العطية أو أفضل العطايا وأجزلها. [4] من الشرج بالتحريك: وهو انشقاق القوس. قوس شريّج: فيها شق، والمراد حدث ونجم.
نام کتاب : جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة نویسنده : أحمد زكي صفوت جلد : 2 صفحه : 229