نام کتاب : جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة نویسنده : أحمد زكي صفوت جلد : 2 صفحه : 160
ثم تَعَرَّفْ كيف تقع بين عرانين[1] بني عبد مناف، أما والله لئن دفعت في بحور بني هاشم وبني عبد شمس، لتقطعنك بأمواجها، ثم لتوهين[2] بك في أجاجها، فما بقاؤك في البحور إذا غمرتك، وفي الأمواج إذا بهرتك[3]؟ هناك تعرف نفسك، وتندم على ما كان من جرأتك، وتُمَسِّى[4] ما أصبحت إليه من أمان، وقد حيل بين العير والنزوان5"، فأطرق ابن الزبير مليا، ثم رفع رأسه، فالتفت إلى من حوله، ثم قال: [1] جمع عرنين بكسر العين: وهو السيد الشريف "وفي الأصل: الأنف أو ما صلب من عظمه". [2] أوهاه: أسقطه، والأجاج: الملح المر. [3] بهره بهرا "بالفتح": غلبه. [4] مساه تمسية: قال له: كيف أمسيت، أو مساك الله بخير، والمراد: وتودع ما كنت فيه من أمان نادمًا آسفًا عليه، وربما كان الأصل: "وتمنى" بحذف إحدى التاءين أي وتتمنى، أو الأصل "ويتمسى" من تمسى: إذا تقطع أي يمحى ويندثر ما كنت فيه من أمان.
5 العير: الحمار وغلب على الوحشي، والنزوان: الوثوب. وهو مثل يضرب للقوي تخور قواه، وأول من قاله صخر بن عمرو أخو الخنساء، وذلك أنه غزا بني أسد، فاكتسح إبلهم، فجاءهم الصريخ فركبوا، فالتقوا، فطعن أبو ثور الأسدي صخرًا طعنة في جنبه، وجوى منها، فمرض حولا حتى مله أهله، فسمع امرأة تقول لامرأته سلمى: كيف بعلك؟ فقالت: لا حي فيرجى، ولا ميت فينعى، لقد لقينا منه الأمرين، وفي رواية أخرى: فمرض زمانا حتى ملته امرأته، وكان يكرمها فمر بها رجل وهي قائمة، وكانت جميلة، فقال لها: يباع الكفل؟ فقالت: نعم عما قليل، وكان ذلك يسمعه صخر، فقال: أما والله لئن قدرت لأقدمنك قبلي، ثم قال لها: ناوليني السيف أنظر إليه، هل تقله يدي؟ فناولته، فإذا هو لا يقله، فقال:
أرى أم صخر لا تمل عيادتي ... وملت سليمى مضجعي ومكاني
فأي امرئ ساوى بأم حليلة ... فلا عاش إلا في شقا وهوان
أهم بأمر الحزم لو أستطيعه ... وقد حيل بين العير والنزوان
فلما طال به البلاء، وقد نتأت قطعة من جنبه في موضع الطعنة، قيل له لو قطعتها لرجونا أن تبرأ، فقال: شأنكم، وأشفق عليه قوم، فنهوه، فأبى، فأخذوا شفرة، فقطعوها، فمات.
نام کتاب : جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة نویسنده : أحمد زكي صفوت جلد : 2 صفحه : 160