responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : جمع الجواهر في الملح والنوادر نویسنده : الحُصري القيرواني    جلد : 1  صفحه : 126
ولما مات المهلبي وجد عليه أحمد بن بويه وجداً شديداً ولم يستوزر أحداً بعده، وبلغ منه أبو الفضل العباس بن الحسين بن عبد بن فاخر بعد المهلبي مبلغاً عالياً؛ للمصاهرة التي كانت بينه وبين المهلبي؛ ولأنه كان يخلفه في الدواوين؛ فكان يخطب درجة المهلبي في الوزارة فلم يبلغها.
وكان العباس ممن تعظمه الملوك وتعرف قدره في الفرس وسبقه، وكان بنو بويه يخاطبونه بالشيخ؛ ولما حصلوا بأرض العراق استدعوه من فارس اشتياقاً إليه، وحاجةً إلى رأيه؛ لما كانوا يعرفون من ثقته، وكان يتخذ من الزي وتفخيم شأن الملك ما كان يحسن به في عين أحمد بن بويه؛ إذ كان يحب من أصحابه ذلك.
وكان مما عمله العباس المغيض الذي بظاهر السندية، الذي ينزع من نهر عيسى بن موسى الهاشمي النازع من الزاب الأعظم بناحية البثق المعروف ببثق الروبانية وهو الذي تعمره ملوك العراق، وتحوط به الأعمال التي ترد إلى كل ناحية حظها من الشرب الذي تكون به عماراتها واستقامة ربوعها ووفور أموالها وتمام خراجها.
وهذا المغيض عملته الأكاسرة لينتفع به عند زيادة المياه وكثرتها؛ فإنها حين تخشى البثق المقدم ذكره وغيره من البثوق أن تزيد المياه عليها فتخرقها فينصرف الماء عن سائر الضياع، فإذا خشي ذلك فتح هذا المغيض فانصرف ما يزيد من الماء عن قدر ما ينتفع به إليه، حتى يصب في نهر يعرف بصرصر حتى يفرغ في دجلة، فعمل هذا المغيض من ماله بعد فساد ما كان قبله. وسائر هذه البثوق تسترم بعد خمسين عاماً من بعد عمارتها إلى السبعين، أكثره على ما يذكرون.
ثم عمر الدار المعروفة بخاقان، وهي في ملك ولده وما يليها من الدور التي كانت تجاورها بشاطىء دجلة، وهذه الدار معروفة عند الملوك معظمة في نفوسهم، وهي دار لها حدان، فالجبلي منها ينتهي إلى دجلة، والشرقي منها ينتهي إلى نهر الصراة النازع من نهر عيسى النازع من الفرات الأعظم، حتى يلتقي هذان النهران.
وقد كان في قديم الزمان بلغ أمرها بعض ملوك الروم؛ وصف له أن بالعراق داراً يجتمع فيها دجلة والفرات، فأعظم ذلك وأكبره، وأكذب من أخبره به. ثم كشف عن ذلك لعظمه عنده فوجده حقاً، فعمر العباس هذه الدار على أحسن مما كانت عليه، بل أزيد من ذلك، وانتهى خبرها إلى أحمد بن بويه فأحب النظر إليها؛ فاصطنع له طعاماً ورتب الناس على أحسن ما يكون من ترتيب مثله، وفرش مجالسها وقبابها ومحالها وخباءها ورحابها وخورنقاتها وجيرياتها، بألوان المثقل بالمذهب، والأرمني الرفيع على أصنافه، والخزو المقطوع المرقوم المثقل بالذهب على أجناسه وألوانه، والمحفور الدجلي القديم والمحفور الأرمني، وغير ذلك من أصناف الفرش مما أحدثه العراقيون.
وكان ذلك على حين طيب الزمان، واجتماع خيرات كل أوان، في زمن الورد ووقت النيروز الفارسي، وهو حين تكامل النبت وزيادة المياه، وطلوع الثمار، وزهر الأشجار.
واصطنع في البستان الأعظم على البركة التي يجتمع بفنائها الجبلي والشرقي دجلة والفرات قصراً مبنياً من السكر على أربع طبقات، بأبواب تدور به، وأبواب تغلق عليها من فوقها طبقة فطبقة، تطلع من تلك الأبواب صور من السكر على هيئة الجواري الغلمان بصنوف الملاهي في أحسن الملابس والحلل، وجعل على شرفاتها وطبقاتها وحناياها صور أنواع الطير والحيوان والوحش، وجعل من ورائها رجالاً تنفخ بالبوقات والمزامير، كل صنف يخرج منه صوت يليق بصورته صوت مثله؛ وكل ذلك من السكر المموه بصنوف الأصباغ والنقوش والذهب. ثم نصب القيان وأصحاب الملاهي على طبقاتهم مفترقين في تلك المجالس.
وحضر أحمد بن بويه وولده بختيار وإبراهيم ومحمد: كل منهم في قواده وجنده وكتابه ووجوه رجاله وحاشيته. وأمر بعرض دجلة. فمد من جانبها الغربي الذي هو الركن المجتمع فيه دجلة والفرات إلى الجانب الشرقي الذي بإزائه حبل مفتول، ونثر على الماء من الورد ما غطى دجلة من الجانب إلى الجانب الآخر، إلا ما خرقته أنواع المراكب من الطيارات والزلالات والحديديات والزبازب والسماريات التي ركبها أحمد وأصحابه إلى من سواهم من العامة، وانتظمت هذه المراكب جانبي دجلة من حد هذه الدار وما بإزائه من الجسر الذي بباب الطاق، وصار المسلوك من دجلة في وسطها، وصار ذلك الورد يستقبل المنحدر إلى الدار يمنعه الحبل المعترض من الجري مع الماء من تحته.

نام کتاب : جمع الجواهر في الملح والنوادر نویسنده : الحُصري القيرواني    جلد : 1  صفحه : 126
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست