responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير أبيات المعاني من شعر أبي الطيب المتنبي نویسنده : المعري، أبو مرشد    جلد : 1  صفحه : 97
ومن التي أولها: الرَّأيُ قَبْلَ شَجاعَةٍ الشُّجْعانِ
لولا العُقُولُ لكانَ أدْنى ضَيْغَمٍ ... أدْنَى إلى شَرَفٍ مِنَ الإنسانِ
قال الشيخ، أدنى في هذا البيت على معنيين: أما الكلمة الأولى فهي مأخوذة من الدناءة، وهي ضد الشرف، وأصله الهمز، وأما الكلمة الثانية فهي من الدنو الذي هو ضد البعد، يقول: لولا العقول لكان أقل الأسد بأسا أقرب إلى الشرف من الإنسان، لأنه أجرأ منه.
في جَحْفَلٍ سَتَر العُيُونَ غُبارُهُ ... فكأنما يُبْصِرْنَ بالآذانِ
قال الشيخ: معنى هذا البيت مفهوم، يريد أن الغبار منع عيونها من أن تبصر، فهي تسمع الأصوات بآذانها، وتفعل ما يقتضيه الصوت، فكأنها تبصر بهن. وذهب بعض المتكلمين في شعر أبي الطيب إلى أن الغبار وقع على عيون الخيل فنقلت أجفانها، حتى صارت كالآذان، وهذا ليس بشيء.
يَقمُصْنَ في مثْل المُدَى منْ بَارِدٍ ... بَذَرُ الفُحُولَ وهُنَّ كالخِصيْانِ
قال الشيخ:) يقمص (يعني الخيل، والقمص أن يرفع الفرس رجليه، ويداه غير مرفوعتين، والماء البارد إذا سبح فيه السابح من بني آدم تقلص صفنه، وهو الجلد الذي يجمع البيضتين، وإن كان فرسا تقلص قنبه.
والماءُ بَينَ عَجاجَتَنِ مُخَلَّصٌ ... تَتَفَرَّقانِ بِهِ وَتَلْتَقِيانِ
قال ابن جني: أي عجاجة المسلمين، وعجاجة الروم، يقول ربما حجز الماء بين العجاجتين، وربما جازتاه فالتقتا، والعجاجة قل ما تثور في الشتاء، فسألته وقت القراءة عن هذا، فذكر أنه شاهد الأمر كذلك وقال كان الوقت من الزمان حزيران.
مُتَصَعْلِكينَ على كَثَافَةِ مُلكِهم ... مُتَواضِعِينَ على عَظيمِ الشَّانِ
قال الشيخ: يقول: هؤلاء القوم ملوك وهم في الحرب يتشبهون بالصعاليك لأنهم يباشرونها بأنفسهم، والصعلكة تستعمل في قلة المال وقلة اللحم قال أبو داود في صفة الخيل: قد تَصَعْلكْنَ في الرَّبيعِ وقد قَلَّصَ لَحَم الفَرائِضِ الأقدَامُ وذكر الشاعر أنهم يتواضعون على عظم شأنهم، والتواضع يحمد من محله مرتفع.
يَتَقَّيلونَ ظِلالَ مُلَّ مُطَهَّمٍ ... أجَلِ الظَّليمِ وَرِيْقَةِ السّرْحانِ
قال ابن جني:) يتقيلون (أي يتبعون آباء يتبعون آباء لهم سباقين إلى المجد والشرف كالفرس المطهم الذي إذا رأى الظليم فقد هلك، وإذا رأى الذئب كان كأنه مشدود بحبل في عنقه، والعرب إذا مدحت رجلا شبهته بالفرس السابق، كما قال النابغة:
إلاّ لمِثْلِكَ أو مَن أنتَ سَابِقهُ ... سَبْقَ الجَوادِ إذا استَولىَ على الأمِدِ
وإنما استعار هاهنا لفظ الظلال، لأن ظل شيء موازيه وعلى سمته فيريد بذلك احتذائهم طرق آبائهم، ويحتمل أيضا أن يكون معناه أنهم بأفياء خيلهم لشدة الحر، يصفهم بالتغرب والتبدي.
وقال الشيخ: لما وصفهم بالتصعلك، عرض بأن الملوك يتقيلون عند الهاجرة في القصور والمنازل البارة، وأن هؤلاء القوم يتقيلون، أي يكونون وقت الهاجرة في ظلال الخيل.
وقال ابن فورجة: ما قال أبو الطيب إلا يتفيأون، يريد يجلسون في أفياء خيلهم للزومهم البادية في صميم الحر ولا ظلال لهم غيرها.
خَضَعَتْ لَمنْصُلِكَ المناصِلُ عنوةَ ... وَأذَلَّ دِينُكَ سَائِرَ الأدْيانِ
قال الشيخ: يقول خضعت سيوف الملوك لسيفك، وأذل دينك أديان الأمم، والدين يستعمل في مواضع؛ فيكون الملك، وتكون الطاعة، والعادة، والفعل، ومن أمثالهم) كما تدين تدان (أي كما تفعل يفعل بك، وفي هذا الكلام على اختصاره مأدبة عظيمة، وأمر للإنسان أن لا يفعل شرا البتة وكان بعض ملوك العرب إذا سمع بامرأة جميلة أخذها غصبا، فأخذ ابنة يزيد بن الصعق الكلابي، ويزيد غائب، تقدم على الملك وهو كتبد في الصحراء، فقال بحيث يسمعه:
يا أيها المَلِكُ المُقِيتُ أمَا تَرَى ... لَيلاً وصُبْحَاً كيفَ يختَلِفَانَ
هل تَستَطيع الشَمسَ أنْ تَأتِي بها ... لَيلاً وهل لكَ بالنَهَارِ يَدَانِ
فأعلَمْ يَقيناً أنَّ مُلكَكَ زَائِلُ ... واعْلَمْ بأَنَّ كما تَدينُ تُدَانُ
فروي أن الملك أجابه فقال:
إنَّ التي تَبِلَتْ فُؤادَكَ خُطَّةٌ ... مَفرُوضَةٌ في النَّاسِ يا ابنَ كِلابِ

نام کتاب : تفسير أبيات المعاني من شعر أبي الطيب المتنبي نویسنده : المعري، أبو مرشد    جلد : 1  صفحه : 97
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست