responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير أبيات المعاني من شعر أبي الطيب المتنبي نویسنده : المعري، أبو مرشد    جلد : 1  صفحه : 102
ولو جمع دخانا جمعا كثيرا لقيل دخن، كما قالوا غراب وغرب، وقوله الأول كاللذعة بالميسم يشبه بيت أبي الطيب بعيد في القياس، لأن الذي شبه الغارة بلذعة الميسم إنما أراد أنها تحرق الموسوم، فيجد لها ألما، وكذلك الذين يغار عليهم إذا أخذت أموالهم لذعوا بالنار، ولا يحسن أن يكون الشاعر أراد أن الميسم يقع على الوبر فيكون له دخان، فكيف يشبه غبار الحرب وهو المنشر في آفاق الأرض بدخان يحرقه ميسم في وبر بعير أو ناقة، ولما جعل أبو الطيب شبيبا مقل النار جعل غبار الحرب التي يثيرها شبيب مثل الدخان الذي يحدث عن النار.
أتُمسِكُ مَا أوْلَيْتَهُ يَدُ عَاقِلٍ ... وَتُمْسِكُ في كُفْرَانِهِ بِعِنانِ
قال ابن جني: يقول: إذا كفر نعمتك من تحسن إليه، لم يقبض يده على عنانه تخاذلا وحيرة.
قال الشيخ: هذا استفهام على معنى الإنكار والتقرير، يقول: أحسنت إليه إحسانا أمسكته يده، وكان لا ينبغي أن يمسك في كفران ما صنع معه بعنان، يقال أمسك الشيء وأمسك به، وقد تبين الغرض في قوله:
ثَنى يَدهُ الإحْسانُ حَتَّى كأنَّها ... وَقَدْ قُبِضَتْ كانتْ بغَيرِ بنانِ
يقول ملأت يده بالإحسان حتى ثناها إلى ورائها، فكأنها لما قبضت ما وهبت لم يكن لها بنان تطبقه على الموهوب فأرسلته.
وقد قَتَل الأقْرانَ حتى قَتَلْتَهُ ... بأضْعَفِ قِرْنٍ أذلَّ مَكان
قال الشيخ: حكى الشريف أبو إبراهيم محمد بن أحمد العلوي نضر الله وجهه أنه كان بحضرة كافور وأبو الطيب ينشده هذه القصيدة، فقال: بأضعف قرن في أذل مكان، فقال كافور وهو يتكلم كلام الخدم: لا والله إلا بأشد قرن في أعز مكان، فروى الناس بأضعف قرن في أعز مكان.
ومن التي أولها:
مَغانِي الشِّعْبِ طِيباً في المَغَاني ... بمنَزِلَةِ الرَّبِيعِ مِنَ الزَّمانِ
قال الشيخ: المغاني جمع مغنى وهو المنزل، والرواية التي في أيدي الشاميين ينصبون فيها طيبا، ويجب أن يكون نصبه بإضمار فعل، كأنه قال تطيب طيبا، كما تقول فلان بسير سيرا، ويجوز أن يكون نصبه على التفسير، إلا أن التفسير إذا كان العامل فيه غير فعل لم يجز تقديمه، والبغداديون يروون) طيبا (بالرفع، ويزعمون أن النصب غير جائز وإنما فروا من أن ينصبوه على التمييز، وليس ثم فعل يحمل عليه، وإذا كان العامل في التمييز فعلا أجاز بعض النحويين تقدمه، كقول الشاعر:
أَتَهْجُرُ لَيْلَى بالفِراقِ حَبِيَبهَا ... وما كَانَ نَفْساً بالفِراقِ تَطِيبُ
ووجه رفع الطيب أنه يجعل المغاني مبتدأ و) طيبا (خبرها فيكون المعنى مغاني الشعب طيب في المغاني كلها، كما أن الربيع طيب في الزمان، والشعب الطريق في الجبل.
مَلاعِبُ جَنَّةٍ لَوْ سَارَ فيها ... سُلَيمانٌ لَسارَ بِترجمانِ
قال الشيخ: أراد أن أهلها كأنهم جن، ولم يرد أن الجن تلعب فيها، لأن المكان يوصف بذلك إذا كان خاليا، وقد وصف الشاعر هذا الموضع وصف آهل، وهذا معنى لم ينظمه فيما نعلم أحد قبل أبي الطيب، لأن سليمان قال " علمنا منطق الطير " فإذا احتاج إلى ترجمان، فقد عجز عن فهم لسان هؤلاء القوم، وهذه مبالغة مفرطة.
وَلكِنَّ الفَتى العَرَبي فيها ... غَرِيبُ الوَجْهِ وَاليَدِ واللَّسانِ
قال ابن جني: غريب الوجه واللسان معروف، ومعنى غريب اليد أي أن سلاحه السيف والرمح، وسلاح من بالشعب الحربة والنيزك، ويجوز أن يريد به الخط والأول أقوى.
قال الشيخ: ذهب قوم إلى أن اليد في هذا البيت النعمة، وإنما أراد أن العرب تخالف العجم في خلقها ولفظها، لأن وجوههم بينة من وجوههم، ولحاهم شقر وصهب وكان مروره بالكرد، وأيديهم لا تشبه أيدي العرب لأنها غلاط جعدة.
وقال الأحسائي: يريد أنها بلاد الفرس فالعربي فيها غريب الوجه، إما لأنه إذا رؤي وجهه استغرب، وإما لأن لون العربي الأدمة، والغالب على العجم الشقرة والبياض، وأما غريب اليد فيجوز أن يريد السلاح، وذلك أن العرب تحمل الرماح والعجم سلاحها النشاب والخشوت. ويجوز أن يريد أفعال اليد أو لأن العرب توصف أيديها بالبساطة، وأيدي العجم توصف بالتجعد والتقبض.
وَلَوْ كانَتْ دِمَشْقّ ثَنى عِنَانِي ... لَبيقُ الثُّرْدِ صِينيُّ الجِفانِ

نام کتاب : تفسير أبيات المعاني من شعر أبي الطيب المتنبي نویسنده : المعري، أبو مرشد    جلد : 1  صفحه : 102
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست