responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تطور الأدب الحديث في مصر نویسنده : أحمد هيكل    جلد : 1  صفحه : 353
غير مبتهج في هذا التحليق، وإنما هو وراء غمام من الهموم القاتلة، تجعله يرى كل شيء وقد اكتسى غلالة رمادية، أو تجعله لا يرى شيئًا على حقيقته، بعد أن حال الغمام بينه وبين الأشياء.
وعلي محمود طه يسمى ديوانه "الملاح التائه" ليُفهِم أنه هارب من الحياة والأحياء، وأنه يضرب في عوالم شتى من الحيرة والضياع، والوحدة كملاح تاه في بحار لا يعرف لها شط، ولا يدري لعابرها مصير.
وحسن كامل الصيرفي يجعل ديوانه "الألحان الضائعة"؛ ليدل على يأسه الجاثم وحظه العاثر وحزنه العميق؛ فأشعاره ألحان ضاعت سدى؛ لأنها لم تجد أذنًا مصغية، والشاعر يعزفها لنفسه في انطوائية، ويأس ومرارة.
وأحمد زكي أبو شادي يجعل اسم ديوان "الشفق الباكي"؛ ليفيد أنه يستلهم جانبًا نائيًا من الحياة، وهذا الجانب حزين جريح، ففيه لون الدم أولًا، وفيه أحزان البكاء ثانيًا؛ لأنه شفق وباك معًا، وفي هذا الجانب تتمثل نفس الشاعر المنطوية الحزينة الباكية الجريحة.
وبرغم أن هذه النزعة الفردية العاطفية المنطوية الحزينة، كانت تمثل روح الفترة[1]، قد كانت أهم ما أخذ على هذا الاتجاه، وأبرز ما سبب الهجوم على أصحابه فيما بعد، فقد لوحظ أن شعراء هذا الاتجاه باتباعهم هذه النزعة الفردية المنطوية، قد وقفوا سلبيين من قضايا عصرهم ومشكلات وطنهم، وبدلًا من أن يناضلوا بالكلمة المنغومة المجنحة ليحققوا لمجتمعهم، ووطنهم حياة أفضل، أو على الأقل ليحاربوا الطغيان والظلم الذي جثم على صدره؛ راحوا يبكون ويحملون، ويهربون إلى أحضان الطبيعة حينًا، وإلى حنان الحب حينًا آخر، تاركين وطنهم ومجتمعهم لما فرض عيه من ظلم، وتآمر وانتكاس[2].
ويبدو أن المسألة كانت لونًا من رد الفعل الشديد، قابل به هؤلاء

[1] انظر: المصدر السابق الحلقة الثانية ص4.
[2] انظر: في الثقافة المصرية لمحمود أمين العالم، وعبد العظيم أنيس ص188 وما بعدها.
نام کتاب : تطور الأدب الحديث في مصر نویسنده : أحمد هيكل    جلد : 1  صفحه : 353
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست