نام کتاب : تطور الأدب الحديث في مصر نویسنده : أحمد هيكل جلد : 1 صفحه : 347
مختلفة من حالات البحر، فيكون جزء من الرمل مثلا في حالته التامة ذات الافعيل الثلاث، وجزء آخر من الرمل في حالته المنهوكة ذات التفعيلة الواحدة، فتأتي شطرة طويلة وأخرى قصيرة، وقد يؤلف الشطران بيتًا واحدًا من أبيات القصيدة، ومن أمثلة ذلك قول أبي شادي في إحدى قصائده الغزلية:
جزع الصب وللحزن العميق في سبيلك
لوعة الدنيا، فمن هذا يطيق لمثيلك1
إلى آخر هذه القصيدة، التي يستخدم فيها الشاعر بحر الرمل في حالتين من حالاته، الحالة الأولى تعتمد على ثلاث تفعيلات، والحالة الثانية تعتمد على تفعيلة واحد، وقد جعل الأولى لكل الشطرات الأولى من القصيدة، وجعل الثانية لكل الشطرات الثانية منها.
على أن ذلك التنويع في موسيقى الشعر لم يكن يقوم عند شعراء هذا الاتجاه على غير أساس، وإنما كان أساسه هو التزام التماثل بين الأجزاء المتقابلة، بحيث ينتظم تنسيق محدد، برغم ما فيها من تنويع وتلوين.
فالشاعر الذي يجعل أولى الشطرات من ثلاث تفعيلات عليه أن يضع مقابلا لهذه الشطرة، وعليه أن يجعل المقابل على نفس الوزن، فإذا لم تكن الشطرة الثانية هي المقابل المماثل، كانت الشطرة الأولى من البيت الثاني مثلا.
وإذا كانت الشطرة الثانية من تفعيلة واحدة، التزام الشاعر أن يجعل تلك لتلك الشطرة مقابلا مماثلا في الوزن أيضًا، وهكذا. والشاعر الذي يجعل هذه البداية جزءًا أول من مقطع، ويتبعه بأبيات تختلف في نغمها عن هذا الجزء، عليه أن يلتزم ذلك النظام الثنائي في كل المقاطع بحيث يتحقق التقابل والتماثل، مع وجود التنويع والتحرر، وقد يصل هذ التنويع والتحرر درجة بالغة تكثر فيها الشطرات المختلفة، وتتسع خلالها درجة التخلف بين شطرة طويلة
1 انظر: ديوان زينب، للدكتور أحمد زكي أبي شادى ص36 "قصيدة الجزاء العادل".
نام کتاب : تطور الأدب الحديث في مصر نویسنده : أحمد هيكل جلد : 1 صفحه : 347