نام کتاب : تزيين الأسواق في أخبار العشاق نویسنده : الأنطاكي، داود جلد : 1 صفحه : 36
لكالمرتجى ظل الغمامة كلما ... تبوأ منها للمقيم اضمحلت
كأني وإياها سحابة ممحل ... رجاها فما جاوزته استهلت
وخرج يوماً من عند عبد الملك فاعترضته عجوز معها نار في روثة فقالت من أنت قال صاحب عزة فقالت أنت القائل:
وما روضة بالحزن طيبة الثرى ... يمج الندى جثجاثها وعرارها
يا طيب من أردان عزة موهناً ... إذا أرقدت بالمندل الرطب نارها
قال نعم قالت ويحك إذا أوقد المندل الرطب على هذه الروضة أو بخرت به أمك العجوز الشناء كانت كذلك فهلا قلت كما قال امرؤ القيس بن حجر الكندي:
ألم ترياني كلما جئت زائراً ... وجدت بها طيباً وإن لم تطيب
فناولها مطرف خز كان معه وقال استري علي ذلك وهذه الحكاية نقلها قاضي القضاة شمس الدين بن خلكان في تاريخه، ثم قال إن بعض مشايخ الأدب قال ليس على كثير شيء فإن قوله إذا أوقدت بالمندل الرطب نارها نعت للروضة المذكورة انتهى وهذا جيد لو لم يطلب كثير من العجوز الستر فإنه عرفنا أنه ما أراد إلا المعنى المعترض فيكون هذا تصحيحاً لإثبات قصده، وتوفي كثير سنة خمس ومائة في اليوم الذي مات فيه عكرمة مولى ابن عباس وقبر في مقابر المدينة وله في عزة أشعار كثيره من محاسنها قوله:
يقولون سوداء العيون مريضة ... فأقبلت من أهلي إليها أعودها
فوالله ما أدري إذا أنا جئتها ... أأبرئها من دائها أم أزيدها
إذا جئتها وسط النساء منحتها ... صدوداً كان النفس ليس تريدها
ولي نظرة بعد الصدود من الجوى ... كنظرة ثكلى قد أصيب وحيدها
وقيل أن هذه الأبيات لذي الرمة لأنه بعد ما ذكر يقول:
وكنت إذا ما جئت ميا أزورها ... أرى الأرض تطوي لي ويدنو بعيدها
من الخفرات البيض ودّ جليسها ... إذا ما انقضت أحدوثة لو تعيدها
ومنها وقد سأل عبد العزيز أن يرشده إلى قبر عزة فلما وقف عليه أنشد:
وقفت على ربع لعزة ناقتي ... وفي البر رشاش من الدمع يسفح
فيا عز أنت البدر قد حال دونه ... رجيع تراب والصفيح المضرح
وقد كنت أبكي من فراقك خفية ... فهذا لعمري اليوم أنأى وأنزح
فهلا فداك الموت من أن ترينه ... بمن هو أسوأ منك حالاً وأقبح
ألا لا أرى بعد ابنة النضر لذة ... لشيء ولا ملجأ لمن يتملح
فلا زال رمس ضم عزة سائلاً ... به نعمة من رحمة الله تسفح
فإن التي أحببت قد حال دونها ... طوال الليالي والضريح الموجح
أرب بعيني البكا كل ليلة ... فقد كاد مجرى الدمع عيني يقرح
إذا لم يكن ما تسفح العين لي دماً ... وشر البكاء المستعار المسيح
ومنها:
ألا حيا ليلى أجد رحيلي ... وآذن أصحابي غدا بقفولي
تبدت له ليلى لتذهب عقله ... وشاقتك أم الصلت بعد ذهول
أريد لأنسى ذكرها فكأنما ... تمثل لي ليلى بكل سبيل
إذا ذكرت ليلى تغشتك عبرة ... تعل بها العينان بعد نهول
ومنها:
حلفت برب الراقصات إلى منى ... خلال الملا يمددن كل جديل
يمين امرىء مستغلظ من ألية ... يكذب قيلاً قد ألح بقيل
لقد كذب الواشون ما بحت عندهم ... بليلى ولا راسلتهم برسول
فإن جاءك الواشون عني بكذبة ... فروها ولم يأتوا لها بحويل
فلا تعجلي يا ليل أن تتفهمي ... بنصح أتى الواشون أم بخيول
ومنها:
تذكرت أتراباً لعزة كالمهى ... حبين بلفظ ناعم وقبول
وكنت إذا لاقيتهنّ كأنني ... مخالطة عقلي سلاف شمول
ومنها:
كفى حزناً للعين إن رد طرفها ... لعزة عير آذنت برحيل
وقالوا نأت فاختر من الصبر والبكى ... فقلت البكى أشفى إذن لغليلي
توليت محزوناً وقلت لصاحبي ... أقاتلتي ليلى بغير قتيل
نام کتاب : تزيين الأسواق في أخبار العشاق نویسنده : الأنطاكي، داود جلد : 1 صفحه : 36