responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 328
الكلام وكان يتجنب وحشي الشعر ولم يمدح أحدًا إلا بما فيه1". والمعاظلة بين الكلام المداخلة فيه بحيث لا ينضد نضدًا مستويًا. والحق أن صياغة زهير تستوفي حظوظًا بديعة من صفاء التعبير ونقائه وخلوصه من الأدران التي قد تؤذيه، وارجع إلى القطع التي أنشدناها له في المديح؛ فإنك ستجدها متوهجة، وما ذلك إلا من دقة التعبير وصقله إلى أبعد غاية وصل إليها شاعر جاهلي. والذي لا ريب فيه أنه كان يستولي على لغته ويسيطر عليها ويجمع منها خير ما فيها من ألفاظ وكلمات، وما يزال ينسقها حتى تتراءى كأنها عقود من الجواهر. وعلى نحو ما كان يستوفي حظوظًا مختلفة من الجمال في عباراته وصيغه كان يستوفي ضروبًا من الإتقان والكمال في موسيقاه؛ فليس فيها نشاز من إقواء وليس فيها اجتلاب قافية وإكراهها على إحلالها في أماكنها؛ فقوافيه تتمكن في مواضعها، ومهما ضاق عليه هذا الموضع نفذ منه على أجمل صورة، وانظر إلى قوله في معلقته:
وأعلمُ ما في اليوم والأمس قبله ... ولكنني عن عِلْمِ ما في غَدٍ عَمِي
فقد وصل إلى القافية؛ فوجد نفسه مضيَّقًا عليه، ولم يلبث أن نفذ إلى كلمة "عمي" فتمم البيت في غير عسر ولا مشقة. ومن ذلك قوله:
هم يضربون حَبيكَ البَيْض إذ لَحِقُوا ... لا ينكصون إذا ما استُلْحِمُوا وحَمُوا2
فقد نفذ من الدرب الضيق في القافية، بما جاء به من كلمة "حموا" ولم ينفذ فحسب؛ فقد استخدم كلمة تناسق في حروفها مع الفعل السابق لها؛ فهي كلمة من نفس أسرتها، وهو ما يعبر عنه علماء البيان العربي باسم الجناس، وله أمثلة مختلفة في شعره كقوله الذي أنشدناه:
كأن عيني وقد سال السَّليلُ بهم ... وجيزةٌ ما همُ لو أنهم أَمَمُ
فقد جانس بين سال والسليل، وتعلق بحرف الميم في ألفاظ الشطر الثاني، فأحدث بينها تلاؤمًا واضحًا. ومن أمثلة الجناس عنده:
وقد قلتما إن نُدْرِكِ السِّلْمَ واسعًا ... بمالٍ ومعروفٍ من القول نَسْلَمِ

1 أغاني 10/ 289.
2 حبيك البيض: طرائقه. البيض: خوذهم في الحرب. استلحموا: من التلاحم والمخالطة في القتال. حموا: اشتد غضبهم.
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 328
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست