responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 325
الخمر والميسر كما قدمنا في غير هذا الموضع. واقرأ مدائحه وأنعم النظر فيها فستراه يمثل لك في هرم والحارث بن أبي عَوْف وحصن بن حذيفة صورة السيد الفاضل؛ لا من حيث الشجاعة والكرم فحسب؛ بل أيضًا من حيث الحلم والعفو عن المسيء في العشيرة والدفع بالمعروف من القول والحدب على الفقراء وتجنب الفواحش والآثام. واقترنت هذه الصورة المثالية للسيد الفاضل في شعره بكثير من الحكم والدعوة إلى مكارم الأخلاق. وقد ذيل المعلقة بطائفة من الأبيات التي تذهب هذا المذهب، وقدمنا أن الأصمعي كان يشك فيها ويقول إنها لشاعر أنصاري يسمى صرمة، ويظهر أن حكمًا له اختلطت بحكم لهذا الشاعر، ونستطيع أن نفرد منها له مثل قوله:
وَمَن يَعصِ أَطرافَ الزِجاجِ فَإِنَّهُ ... يُطيعُ العَوالي رُكِّبَت كُلَّ لَهذَمِ1
فإن هذا البيت يتفق وما لاحظناه عنده من ميله إلى إخراج أفكاره ومعانيه في صورة متلاحقة؛ فقد أراد أن يقول من أبي الصلح لم يكن له بد من الحرب؛ فلم يقل ذلك مباشرة؛ بل ذهب يبحث عن صورة تمثل الصلح عندهم، وسرعان ما لمعت في خياله عادة كانت معروفة لديهم، وهي أن يستقبلوا أعداءهم إذا أرادوا الصلح بأزجة الرماح، ومن ثم قال "ومن يعص أطراف الزجاج" يريد "ومن لا يطع الدعوة إلى الصلح والسلام" ومضى يمثل الدخول في الحرب بإطاعة أسنة الرماح والسيوف. وفكرة البيت متصلة بالمعلقة وما تدعو إليه من السلام والاستجابة إلى الصلح. وقد تكون الأبيات التي تتصل بفكرة الحياة والموت صحيحة النسبة إلى زهير لأنها تتصل كالبيت السابق بموضوع القصيدة، كقوله:
رَأَيتُ المَنايا خَبطَ عَشواءَ مَن تُصِب ... تُمِتهُ وَمَن تُخطِئ يُعَمَّر فَيَهرَمِ
وفي البيت أيضًا صورة بديعة؛ إذ يشبه الموت بناقة عشواء لا تبصر طريقها؛ فهي تخبط الطريق خبطًا أعمى ليس له نظام ولا قياس. والتفكير في الحياة والموت يكثر عند زهير كقوله في إحدى قصائده لهرم:

1 الزجاج: جمع زج وهو الحديدة في أسفل الرمح. والعوالي: سنان السيوف والرماح. اللهذم: السنان القاطع. وواضح أنه جعل رفع كعوب الرماح كناية عن الصلح والمسالمة؛ إذ كانت تلك عادتهم في الجاهلية.
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 325
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست