responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 312
وعلى هذا النحو يبدئ ويعيد في هرم، وقد تراءى له في الصورة المثالية للسيد البدوي الجاهلي؛ فهو شجاع في معترك الحرب وهو كريم في معترك المسغبة والجوع، وليس بفحاش ولا غادر، وإذا صمم اندفع يُمضي ما صمم عليه، لا يستره عن الخير ستر؛ بينما تقوم الأستار بينه وبين كل فاحشة. وشاعرنا يثني عليه بما عرف من فضله وبما قدم من مآثر النجدة وإغاثة الضعفاء واحتمال كل بلاء. ودائمًا تلقانا في مدائحه لهرم هذه المثالية الرائعة؛ بل هذه القطع المتوهجة، ومن رائع ما قاله فيه:
قَد جَعَلَ المُبتَغونَ الخَيرَ في هَرِمٍ ... وَالسائِلونَ إِلى أَبوابِهِ طُرُقا
إِن تَلقَ يَومًا عَلى عِلّاتِهِ هَرِمًا ... تَلقَ السَماحَةَ مِنهُ وَالنَدى خُلُقا
لَيثٌ بِعَثَّرَ يَصطادُ الرِجالَ إِذا ... ما كَذَّبَ اللَيثُ عَن أَقرانِهِ صَدَقا1
يَطعَنُهُم ما اِرتَمَوا حَتّى إِذا اِطَّعَنوا ... ضارَبَ حَتّى إِذا ما ضارَبوا اِعتَنَقا2
هَذا وَلَيسَ كَمَن يَعيا بِخُطَّتِهِ ... وَسطَ النَدِيِّ إِذا ما ناطِقٌ نَطَقا
فهو لكرمه الفياض يسعى إليه الناس من كل حدب، ويسلكون إلى أبوابه كل طريق؛ حتى لقد أصبحت الطرق إليه مذللة ممهدة، وهو يجزل لهم في العطاء حتى حين تضيق ذات يده. وهو يجمع إلى الكرم المفرط الشجاعة المفرطة؛ حتى ليتفوق على الليث في جرأته وطلبه لفريسته، إنه يطعن الطعنات النجلاء، وما يزال على ذلك حتى تنحسر غمرة الحرب؛ فإذا كان السلم رأيته وسط الندى يبهرك بمقوله كما يبهرك بيده وسلاحه وطعانه ونزاله
وقد أضفى حللًا من هذا المديح الرائع على سيد بني فزارة حصن بن حُذَيْفة، وكانت له مواقع مأثورة في حروب قومه مع عبس وغيرها من القبائل، وفيه يقول:

1 عثر: موضع، كذب الليث: نكل عن لقاء أقرانه.
2 ارتمو: تراموا بالنيل، اطَّعنوا: تطاعنوا بالسيوف. واعتنق: قرنه في الحرب: أخذ عنقه، كناية عن قتله. ويقول إذا ترامى المتحاربون بالنبال أبى هرم إلا أن يطعن بسيفه، وإذا تطاعنوا ضرب بسيفه ضربات مميتة وإذا ما تضاربوا صرع خصومه؛ فهو سابق في كل حال.
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 312
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست