responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 281
وإذا استعرضنا دواوينهم جميعًا وجدنا النابغة يقرب في ذوقه من أوس بن حجر وزهير ومدرستهما التي اشتهرت عند القدماء بالتجويد والتنقيح؛ فهو لا يقبل كل ما يفد على خاطره. بل لا يزال يثقفه ويصقل فيه حتى يستوي له اللفظ الموثق والديباجة الجزلة. وقد أتيح له أن يعيش في بيئتين متحضرتين هما الحيرة وبلاط الغساسنة، فرقَّ ذوقه وسهل منطقه ولفظه، وإن كان لم ينس البادية ولغتها وغرابة هذه اللغة.
وقد وقف القدماء طويلًا عند إجادته لفني المديح والاعتذار؛ غير أنهم عادوا فقالوا: إنه أحد الأشراف الذين غض الشعر منهم؛ فإنه مدح الملوك وقبل صلتهم ونوالهم، وكان في غنى عن هذا القبول. "قيل لأبي عمرو بن العلاء: أفمن مخافة النعمان بن المنذر امتدحه النابغة وأتاه بعد هربه منه أم لغير ذلك؟ فقال: لا، لعمر الله ما لمخافته فعل، إن كان لآمنًا من أن يوجه النعمان له جيشًا، وما كانت عشيرته لتسلمه لأول وهلة؛ ولكنه رغب في عطاياه وعصافيره "إبله" وكان النابغة يأكل ويشرب في آنية الفضة والذهب من عطايا النعمان وأبيه وجده، لا يستعمل غير ذلك1".
ويبعد في رأينا أن يكون قد وفد على أبي النعمان وجده كما يقول أبو عمرو بن العلاء وغيره من الرواة فإن ديوانه برواية الأصمعي يخلو من مديحهما. أما أن تكسبه بالشعر وأخذه نوال المناذرة وكذلك الغساسنة قد غض منه وأنزله من مرتبة شرفة فغير صحيح؛ لأن وفوده عليهما لم يكن القصد منه التكسب؛ وإنما كان القصد رعاية مصالح قبيلته عندهما كما قدمنا؛ فقد كان سفيرها في بلاطهما. وحقًّا إنه يبالغ في مديحه واعتذاره، ولكنها مبالغة لا تنتهي إلى ذلة نفس؛ بل هي المبالغة التي تأتي من أنه يتحدث إلى أمراء كان لهم سلطان كبير على القبائل العربية، ويريد أن يصلح ما فسد من قلوبهم عليه وعلى قبيلته.
وليس شعره جميعه مديحًا واعتذارًا؛ فقد رثى النعمان الغساني، وهو يقدم لرثائه ومديحه واعتذاراته بالنسيب ووصف ناقته، وقد يخرج من ذلك إلى وصف الحيوان في الصحراء وصيده. وأيضًا في شعره قصائد ومقطوعات تتصل بأحداث قبيلته.

1 أغاني: 11/ 29 وما بعدها.
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 281
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست