responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 132
ثم كتب بعد ذلك بالأسلوب الفصيح. وزعم بروكلمان أن الفصحى كانت لغة فنية قائمة فوق اللهجات؛ وإن غذتها جميعًا[1].
وعلى ضوء من رأي نالينو حاول بلاشير أن يقيم حدودًا لهذه اللهجة الأدبية معتمدًا على القبائل التي كان يأخذ عنها اللغويون والنحاة مادتهم، وهي تميم وقيس وأسد وهذيل وعليًا هوازن وبعض العشائر الكنانية والطائية، وجعل هذه الحدود محصورة بين خطين يمتد أحدهما على مسافة بضعة أميال من جنوبي مكة متجهًا شرقًا إلى الخليج العربي في البحرين، ويمتد ثانيهما في الشمال من ضواحي يثرب إلى شمالي الحيرة. وذهب يزعم أن الفصحى مشتقة من الشعر الجاهلي والقرآن معًا وأن القرآن لا يستند على اللهجة المكية؛ وإنما على لغة هذا الشعر، وهي لغة تولدت من لهجة محلية ارتفعت إلى مرتبة لغة أدبية. ولم يبين لنا هذه اللهجة التي تسامت على أخواتها ولا أسباب هذا التسامي، ومضى يشكك في أن تكون لهجة قريش هي التي حققت لنفسها هذا التسامي[2].
وواضح أن كل هذه الآراء تعتمد على الفرض والحَدْس، وقد أراد بها أصحابها أن يناقضوا أشد المناقضة ما استقر في نفوس أسلافنا من أن هذه اللهجة الفصحى؛ إنما هي لهجة قريش التي نزل بها الذكر الحكيم، يقول أبو نصر الفارابي: "كانت قريش أجود العرب انتقاء للأفصح من الألفاظ وأسهلها على اللسان عند النطق وأحسنها مسموعًا وأبينها إبانة عما في النفس3". ويقول أحمد بن فارس نقلًا عن إسماعيل بن أبي عبيد الله: "أجمع علماؤنا بكلام العرب والرواة لأشعارهم والعلماء بلغاتهم وأيامهم ومحالِّهم أن قريشًا أفصح العرب ألسنة وأصفاهم لغة؛ وذلك أن الله جل ثناؤه اختارهم من جميع العرب واصطفاهم واختار منهم نبي الرحمة محمدًا صلى الله عليه وسلم فجعل قريشًا قطان حرمه وجيران بيته الحرام، وولاته؛ فكانت وفود العرب من حجاجها وغيرهم يفدون إلى مكة للحج، ويتحاكمون إلى قريش في أمورهم، وكانت قريش مع فصاحتها وحسن لغاتها ورقة ألسنتها إذا أتتهم الوفود

[1] تاريخ الأدب العربي لبروكلمان "طبع دار المعارف" 1/ 42.
[2] انظر تاريخ الأدب العربي لبلاشير 1/ 77 وما بعدها.
3 المزهر للسيوطي 1/ 211.
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 132
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست