responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 129
المعجم العربي اتساعًا شديدًا، وهو في حقيقته معجم عدة لهجات، نُظمت في سلك واحد هو العربية، وحقًا ميَّز اللغويون في مباحثهم الشواذ والشوارد والنوادر والمنكر والمتروك، وغير الفصيح وساقوا في ذلك شواهد احتفظ السيوطي في المزهر بكثير منها؛ ولكنهم حين ألفوا المعاجم حشدوها فيها جميعًا. وقد ذهبوا يحصون أسماء السيف مثلًا ويقولون إنها خمسون، وبالمثل أحصوا أسماء الأسد والفرس والبعير، وأمدتهم الاختلافات اللغوية بين القبائل بمدد لا ينفد أو بعبارة أدق لا يكاد ينفد في ذلك كله. ولعلنا لا نبالغ إذا قلنا إن لغة من اللغات لا يمكن أن تجاري العربية في هذا الباب باب الترادف؛ فهو باب واسع فيها، وقد أعدها ليشيع فيها أسلوب من التكرار الصوتي والترادف الموسيقي عند الجاحظ وأضرابه.
ومما يرجع أيضًا إلى اللهجات الجاهلية وتباين التعبير فيها عن المسميات وتعدده باب الأضداد؛ إذ نجد كلمة واحدة تستعملها قبيلة بمعنى، ثم تشيع عند قبيلة ثانية لا بمعنى مغاير له فحسب؛ بل بمعنى مضاد يناقضه، مثل جلل بمعنى عظيم فإننا نجد المعاجم تنص على أنها تأتي بمعنى حقير، ومن ذلك الجون يوصف به الأسود والأبيض ويدل عليهما، ومثله البَسْل بمعنى الحلال والحرام، وعلى شاكلة التضاد في الأسماء قد يكون التضاد في الأفعال فتعبر عن معنيين متناقضين مثل رجا بمعنى رغب وخاف ومثل شرى بمعناها الذي نعرفه وهو اشترى وبمعنى باع الذي يضاده. وتكثر الأضداد لنفس السبب الذي كثرت من أجله المترادفات، وهو أنها ليست من استعمال قبيلة واحدة، وقد أفرد اللغويون لها بسبب كثرتها أبحاثًا وكتبًا مثل كتاب الأضداد لابن الأنباري. ونحن إنما نقصد ما يتضح فيه التضاد مما مثلنا به؛ فإن اللغويين وسعوا مفهوم الضد، حتى شمل ما يكون بين استعمالين من فروق ضئيلة في المعنى مثل ناء بمعنى حمل، وبمعنى حمل بمشقة، وأيضًا فإنهم أدخلوا في الأضداد ما نشأ عن المجاز والاستعارة، كاستخدام العرب كلمة السليم للملدوغ بأفعى تفاؤلًا؛ فهذا ونحوه لا يعد من الأضداد بمفهومها اللغوي الدقيق؛ إنما الذي يعد من الأضداد مثل ما ذكرناه ومثل الرهوة بمعنى الارتفاع والانحدار ومثل الصريم بمعنى الليل والصبح والصارخ بمعنى المغيث والمستغيث والزبية للمكان المرتفع ولحفرة الأسد. ومرجع ذلك كما قلنا أنهم كانوا

نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 129
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست