responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 118
أنه ليس بين أيدينا نقوش كثيرة؛ نستطيع أن نعرف منها بالضبط الزمن الذي يعد بدءًا حقيقيًّا للفصحى. وحقًّا عثر علماء الساميات كما قدمنا في غير هذا الموضع على نقوش تمتد من أواخر القرن الثالث الميلادي إلى القرن السادس؛ غير أنها قليلة، ثم هي قصيرة، وأكثرها في أمور شخصية، وليس بينها نص أدبي أو نص طويل يمكن أن نتبين في تضاعيفه جملة الخصائص اللغوية لتلك اللغة التي كان يتحدث بها كتبة هذه النقوش، وجميعها على لسان الشخص الثالث الغائب، وليس بينها نص على لسان مخاطب أو متكلم، وهي تخلو خلوًّا تامًّا من الشكل والحركات وحروف العلة وعلامات الإعراب.
على أن من يرجع إلى هذه النقوش يجدها تقترب اقترابًا شديدًا من فصحانا، وقد وقفنا في الفصل الأول عند أقدمها وهو نقش النمارة المؤرخ بسنة ثمان وعشرين وثلاثمائة، وهو لامرئ القيس ثاني ملوك الحيرة، وُضع على قبره في النمارة شرقيّ جبل الدروز، وقد لاحظنا أن كاتبه استخدم كلمة بر الآرامية بدلًا من ابن العربية؛ غير أن النقش بعد ذلك تام في عروبته سواء من حيث الأسماء والأفعال، أو من حيث استخدام أداة التعريف العربية أل. وأيضًا فإن خطه المكتوب به مع اشتقاقه من خط النبطي يعد مقدمة للخط العربي؛ إذ توجد فيه الروابط بين الحروف كما تتخذ الحروف فيه شكلًا أكثر استدارة.
ولعلنا لا نبعد إذ اتخذنا هذا النقش بدءًا لتكون الفصحى، وقد لقب امرؤ القيس فيه بلقب ملك العرب، وهي أول مرة نعثر فيها على هذا اللقب، وقد يكون في ذلك ما يدل دلالة واضحة على أن العرب أخذوا يفكرون في إنشاء وحدة سياسية لهم منذ هذا التاريخ، وكانوا قبله لا يفكرون في هذه الوحدة ولا في أن يستقلوا بخط خاص بهم يميزهم أو يميز كتابتهم من كتابة المسند الجنوبية وكتابة الآراميين الشمالية.
ومعنى ذلك أننا نتخذ من هذا النقش رمزًا لإحساسهم إحساسًا عميقًا بوجوب اتحادهم إزاء الدول التي كانت تناهضهم في الشمالين الغربي والشرقي، ونقصد دولتي الروم والفرس؛ فقد قضى الروم على دولة أسلافهم من النبط في سَلْع وتدمر وفرضوا سيادتهم على القبائل العربية المجاورة لهم، وبالمثل فرض الفرس سيادتهم

نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 118
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست