نام کتاب : تاريخ الآداب العربية في القرن التاسع عشر والربع الأول من القرن العشرين نویسنده : لويس شيخو جلد : 1 صفحه : 347
وقد جرى على ذلك أصحاب الشعر العام ولعلهم سبقوا الشعراء النظامين فمهدوا لهم الطريق. ولدينا من دواوينهم مجاميع سبقت عصرنا تدل على استنباطهم لأوزان شعرية جديدة لا تخلوا من محاسن المنظومات ولا ينقصها إلا ضبطها على القواعد اللغوية والعروض وتجريدها من بعض ألفاظ العامة.
الشعر المنثور
ومما سبق إليه أدباء عصرنا فابتكروه دون مثال في لغتنا ما دعوه بالنثر الشعري أو الشعر المنثور كأنه جامع بين خواص النثر والنظم. أما النثر فلأنه على غير وزن من أوزان البحور. وأما النظم فلأنهم يقسمون مقاطعه ثلاث ورباع وخماس وأزيد دون مراعاة أعدادها ويسبكونها سبكاً مموهاً بالمعاني الشعرية.
وهذه الطريقة استعارها على ظنناً الكتبة المحدثين كأمين الرياحيني وجبران خليل جبران ومن جرى مجراهما عن الكتبة الغربيين ولا سيما الإنكليز في ما يدعونه بالشعر الأبيض غير المقفى وفي بعض كتاباتهم الشعرية المعاني غير المقيدة بالأوزان. ولسنا لننفي هذه الطرقة الكتابية التي لا تخلو من مسبحة من الجمال في بعض الظروف اللهم إذا روعي فيها الذوق الصحيح ولم يشنها الاستهتار وتلاحمت معانيها وتنمقت بأشكال البديع السهلة المنسجمة ولم يفرط الأتساع فيها فتصبح لغطا وثرثرة.
على أننا كثيراً ما لقينا في هذا الشعر المنثور قشرة مزوقة ليس تحتها لباب وربما قفز صاحبها من معنى لطيف إلى قول بذي سخيف أو كرر الألفاظ دون جدوى بل بتعسف ظاهر. ومن هذا الشكل كثير في المروجين للشعر المنثور من مصنفات الريحاني وجبران وتبعتهما فلا تكاد تجد في كتاباتهم شيئاً مما تصبو إليه النفس في الشعر الموزون الحر من رقة وشعور وتأثير. خذ مثلاً وصف الريحاني للثورة: ويومها القليب العصيب. وليلها المنير العجيب وصوت فوضاها الرهيب. من هتاف ولجب ونحيب. وزئير وعندلة ونعيب وطغاة الزمان تصير رماداً. وأخيارهُ يحملون الصليب ويل يومئذٍ للظالمين. المستكبرين والمفسدين هو يوم من السنين. بل ساعة من يوم الدين ويل يومئذٍ للظالمين
نام کتاب : تاريخ الآداب العربية في القرن التاسع عشر والربع الأول من القرن العشرين نویسنده : لويس شيخو جلد : 1 صفحه : 347