نام کتاب : أنوار الربيع في أنواع البديع نویسنده : ابن معصوم الحسني جلد : 1 صفحه : 512
وجميع خواتيم السور كفواتحها، واردة على أحسن وجوه البلاغة وأكملها، لأنها بين أدعية، ووصايا وفرائض؛ وتحميد تهليل؛ ومواعظ وود ووعيد؛ إلى غير ذلك مما يناسب الاختتام، كتفصيل جملة المطلوب في خاتمة الفاتحة، إذ المطلوب الأعلى: الإيمان المحفوظ من المعاصي المسببة لغضب الله والضلال، فصل جملة ذلك بقوله: (الذين أنعمت عليهم) والمراد المؤمنون، ولذلك أطلق الأنعام ولم يقيده، ليتناول كل إنعام، لأن كل من أنعم الله عليه بنعمة الإيمان فقد أنعم عليه بكل نعمة لأنها مستتبعة لجميع النعم. ثم وصفهم بقوله: (غير المغضوب عليهم ولا الضالين) يعني أنهم جمعوا بين النعم المطلقة وهي نعمة الإيمان وبين السلامة من غضب الله والضلال المسببين عن معاصيه وتعدي حدوده وكالدعاء الذي اشتملت عليه الآيتان من أخر سورة البقرة.
وتأمل سائر خواتيم السور تجدها في نهاية الكمال. ومن أضح ما أذن بالختام، خاتمة سورة إبراهيم عليه السلام، وهو قوله تعالى: (هذا بلاغ للناس ولينذروا به واعلموا إنما هو غله واحد وليذكروا أولي الألباب. وكذا خاتمة الحجر بقوله تعالى: (واعبد ربك حتى يأتيك اليقين) فإنها في غاية البراعة، ومثلها خاتمة الزمر بقوله سبحانه: (وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين) ، وأما خاتمة الصافات فإنها العلم في براعة الختام، حتى ضارت يختم بها كلام؛ وهي قوله تعالى: (سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين) .
ومن أحسن براعات الختام قول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام- وهو إمام أئمة البلغاء في الجاهلية والإسلام- في خاتمة خطبة الاستسقاء: ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا فإنك تنزل الغيث من بعد ما قنطوا وتنشر رحمتك وأنت الولي الحميد.
وأما حسن ختام الحريري للمقامات فإنه من البراعات التي تنتهي إليها الغايات، وهو قوله: ثم دنوت إليه كما يدنو المصافح، وقلت: أوصني أيها العبد الصالح، فقال: اجعل الموت نصب عينك، وهذا فراق بيني وبينك فودعته وعبراتي يتحدرن من المآقي، وزفراتي تتصعدن إلى التراقي، وكانت هذه خاتمة التلاقي.
ومن أمثلته في النظم قول أبي نواس في خاتمة قصيدته التي مدح بها الخطيب:
وإني جدير إذا بلغتك بالمنى ... وأنت بما أملت جدير.
فإن تولني منك الجميل فأهله ... وإلا فإني عاذر وشكور.
وقول أبي تمام في ختام قصيدة فتح عمورية:
إن كان بين صروف الدهر من رحم ... موصولة أو ذمام غير منقضب.
فبين أيامك اللاتي نصرت بها ... وبين أيام بدر أقرب النسب.
أبقت بني الأصفر الممراض كاسمهم ... صفر الوجوه وجلت أوجه العرب.
وقول أبي الطيب:
سما بك همي فوق الهموم ... فلست أعد يسارا يسارا.
ومن كنت بحرا له يا علي ... لم يقبل الدر إلا كبارا.
وقوله أيضاً:
أنلت عبيدك ما أملوا ... أنالك ربي ما تأمل.
وقوله أيضاً:
وأعطيت الذي لم يعط خلق ... عليك صلاة ربك والسلام.
وقول ابن هاني المغربي:
سموت إلى العليا إلى الذروة التي ... ترى الشمس فيها تحت قدرك تضرع.
إلى غاية ما بعدها لك غاية ... وهل خلف أفلاك السماوات مطلع.
إلى أين تبغي ليس خلفك مذهب ... لا لجواد من للحاقك مطمع.
وقوله أيضاً:
فتى كل مسعى من مساعيه قبلة ... يصلي إليها كل مجد ونائل.
وفي كل يوم فيه للشعر مذهب ... على أنه لم يبق قولا لقائل.
وقوله أيضاً:
لا زلت تسحب أذيال الندى كرما ... في نعمة غير مزجاة من النعم.
ما نمنم الروض أو حاكت وشائعه ... أيدي السحاب الغوادي العز بالديم.
وقول مهيار الديلمي في ختم قصيدته المشهورة:
ولا زالت الأيام تملك أمرها ... وتأمرها فيما تشاء وتنهاها.
وكنت بعين الله من كل خطة ... تحاذرها فيما تروم وتخشاها.
فإني متى علقت نفسي بجاجة ... وخفت عليها الفوت ضمنتها الله.
وقوله أيضاً:
ولا يزل جاري المقادير على ... ما تبتغي مساعدا معينا.
دعاء إخلاص إذا رفعته ... قال الحفيظان معي آمين.
وقول أبي العلاء المعري.
ولا تزال لك الأيام ممتعة ... بالحال والآل والعلياء والعمر.
نام کتاب : أنوار الربيع في أنواع البديع نویسنده : ابن معصوم الحسني جلد : 1 صفحه : 512